مرت تسعة أشهر على انطلاقة ثورتنا السلمية ومازالت مستمرة ونحن على مدار هذه الأيام ومن أول يوم خرجنا فيه إلى ساحات التغيير وميادين الحرية نطالب بإسقاط النظام الغاشم المستبد على مر ثلاثة عقود، ومنذ الوهلة الأولى من خروجنا أظهرنا سلميتنا وابتعادنا عن الحرب الأهلية وإن قابلنا النظام بأنواع مختلفة من الضرب والقتل والتفجير إلا أننا مازلنا مستمرين بسلمية الثورة وأن كل محاولاته التي أبداها في أن ننجر إلى حرب أهلية إلا أنها باءت بالفشل فلم ننجر إلى ما كان يرنوا إليه.
فبالرغم من جميع خطاباته التهديدية والتوعدية المكررة لم نقم برفع السلاح والانخراط في حرب لا يُحمد عقباها من تدمير وإراقة للدماء الزكية التي قام هو بها غير مراعٍ حرمة الدم المسلم والتي هي أغلى عندنا من أي شيء فواجهنا التحدي بالحِلم والصبر والرصاص بالورود والأزهار والمدافع والدبابات بالهتافات والأصوات الرنانة التي أثبتت للعالم بأسره ثقافة ووعي الشعب اليمني المتحضر في أنحاء محافظات يمننا الحبيب والعزيز على قلوبنا.
مضت الأيام والشهور ونحن نشهد في كل يوم احتفالات وابتهاجات وأهازيج لم نشهدها من قبل ولا في فترة من الفترات، اندمجنا جميعاً مع بعض وآنس بعضنا بعضاً انفتحنا على جميع الأحزاب والهيئات والمنظمات وكذلك التكتلات عشنا جميعنا حلماً واحداً وهدفاً معيناً ومطلباً واضحاً وهو إسقاط النظام الذي يقوده مجموعة من المرتزقة والمهووسة بالسلطة والمال فكنّا جميعاً يداً واحدة وصفاً موحداً أمام نظام عائلي لا يهم إلا نفسه ويريد العيش على أرواح الناس وهم غير مرغوب بهم، نعم فرحنا واحتفلنا في ظل الثورة المباركة كيف لا ونحن نقيم الكرنفالات والاحتفالات والأعراس في ساحاتنا وإن سقط منّا إخوة شهداء بين يدي الله؟، فكانت الفرحة بهؤلاء الشهداء أكبر، لأنهم وبصحيح العبارة شهداء، فعلى كل أم وأب لشهيد أن يفرحوا بأن الله أختارهم وتكون الشهادة خاتمتهم والجنة دارهم ومأواهم.
فعلى كل يمني ويمنية ينتمي لهذا الوطن الغالي اللحاق والإسراع في الانضمام لثورتنا قبل أن يأتي يوم ويأسفوا أنهم لم ينالوا شرف الالتحاق بثورة يشهد لها القاصي والداني بالنصر بإذن الله تعالى، فنحن متفائلون وواثقون بنصر الله جلَّ وعلا وكل من يتخاذل ويحاول الدفاع عن نظام قد فقد شرعيته وانتهى حكمه، أن يكونوا من أتباع الظالمين فيكونوا من أهل النار، لأنهم كانوا يتبعون ظالماً وعائلة ظالمة ونظاماً ظالماً، فهذا ليس كلاماً عبثياً ولا من محض الخيال ولا من مخيلة رأسي وإنما هو كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فتأملوا معي قوله تعالى: (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ومالكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون) الآية (113) سورة هود .
وأخيراً، على رأس النظام وأفراد عائلته وزبانية نظامه أن يعوا ويتفهموا أننا صامدون وباقون في هذه الثورة السلمية المباركة وأننا لن نتراجع أو نتخاذل ولن نعود حتى يتحقق النصر ويسقط النظام مهما ماطلوا أو استنزفوا من أوقات في ثنينا عن مطالبنا أو أن نكل أو نمل أو نتراجع فيما نصبوا إليه، فإن لم يكن النصر، فهي الشهادة وكلاهما خير وشرف يتمنى أي ثائر يمني أن يتحصل عليهما.
فإما حياةٌ فوق هامات العُلى × أو في جنان الخلد نجرع كوثراً
أمجد عزام خليفة
النصر أو الشهادة!! 1988