مازلتُ مُصرة على أن أتحدث عن أبناء ونساء تعز، عن هاني الشيباني وياسمين وزينب وتفاحة وعزيزة وغيرهم ممن لن تنساهم ذاكرة الأيام..
هؤلاء من يناسهم الناس بكفاءة عالية، حتى الصحف نسيتهم وكاميرات الفضائيات التي تبحث عما يملأ فراغ ساعات بثها نسيتهم هي الأخرى، وحتى العين التي تذرف الدمع لهول مشاهد وداعهم سرعان ما تنفض غبارها عنهم !
هكذا اعتدنا على الألم فصار إسماً من أسمائنا الحُسنى وستظل أيديهم وحدها من تستحق أن نبوسها كلما هامت بالجسد ندبه،.
تعز.. اليوم مدينة منكوبة، تنهال على وجهها الجميل القذائف من كل حدب وصوب بحقد مصبوب نيراناً لتقتلع رأس هاني وتقتل ياسمين وزينب وتفاحة وتُشرّد الأهالي وتُفزع الأطفال ومازال الصمت المحلي والدولي سيد الموقف فإلى متى يستمر هذا الصمت القبيح؟!
تعز.. ليل طويل وفجر يولد من جديد، ليل تسكنه أصوات الإنفجارات وصراخ الأطفال وإستغاثات المصابين وفجر تُولد من بين ثناياه أفرع الصمود.
أطفالنا اليوم تُنجبهم طلقات الرصاص فيعلقون في أعناقهم خريطة وطنهم المفقود بين طلقات المدافع وصرخات الإستشهاد..
ومثل أفعى تتلوى خلف أحلامهم تُلاحقهم فوهات البنادق فصار لزاماً عليهم أن يدفعوا كُلفة أي حرب وحتى وهم في ديارهم محتمين خلف جدران صماء من عدو لا يعرفون وجهه ومن كراهية لم يخططوا لها ومن ثارات لم تكن أبداً في شهادات ميلادهم..
ما الذي يحدث لتعز،..للمدينة الحالمة؟؟ وما هذا الحقد المتصبب ليقتلع كل شيء يقف بوجهه؟!
مازلتُ أتذكر المثل الشعبي الذي يقول (ضربوه في ذمار واستقضى في يريم) وأجده سبباً مقنعاً للمجازر الوحشية التي ترتكبها آلات النظام على المدنيين في تعز، فبعد أن كُسرت شوكة النظام في الحصبة على يد أقوى قبيلة انتقلت بذور الشر لتتساقط علينا أحقاد قيران والعوبلي ويبررها الصوفي كالعادة بأعذار واهية تُخفي خلفها أبشع صور الجرائم بحق المواطنين...
أكثر من مشهد ينزع الأسى من مكمنه ويغرس في الحلق غُصة على مدينة لطالما صمدت في وجه الليل الطويل لتنتزع منه فجراً جديداً..
 المجد للشهداء.. والحرية لليمن.. والثبات والصمود والنصر لمدينتي الباسلة تعز...