نبحث عن سر الخلود ؟والسر يسكن في قلوبنا.. نهرول حول الحياة.. ؟ ولا نرى الحياة بحد ذاتها.. نجري وراء المحبة.. وربما عبرناها ولم نلحظها.. نبصر ولا نرى.. نسمع ولا ندرك.. ونلهث في زحمة العيد ولم نتعرف على حقيقته..
فما هو العيد ؟؟ هل هو إحياء للذكرى حقا.. أم صفقة تجارية رابحة ؟هل هو تسبيح لله عز وجل أم صخب وضجيج أعمى؟.. ينابيع المحبة تتدفق في العيد عطاء.. أم شرايين الذهن تنفجر فيه قهراً!!..
أنا أصبحت في حيرة من أمري في هذا الزمان!! وأتساءل كيف فقدت الحقائق قيمتها وخسرت المبادئ سحر رونقها؟؟.. ربما هو صدأ في الفكر أو عله ألم في القلب ؟؟؟ قمة الخطورة أن يكون تأقلم اعتيادي للسير في الظلام؟؟ وغفوة أبدية في أرجوحة الوهم..
أسئلة جمة يعكسها تألق نجوم الثلج في داخلي.. ؟ نجوم الثلج توجد في دولة كندا.. تظهر في شهر كانون الأول خلال فترة أعياد الميلاد ورأس السنة الجديدة.. يا للروعة!! كأنها قطعة من السماء قد هبطت على الأرض.. تتعانق جبال الثلج الشامخة مع ضوء الشمس.. فيتألق النور عظمة وقداسة.. وتتلألأ النجوم ألملونه بين أغصان الأشجار المتدلية من ثقل الثلوج.. فتبدوا وكأنها لوحة ناطقة تعبيرية.. الإمعان فيها يشغلنا عن هبوط درجات الحرارة الحارقة التي تتراوح مابين العشرين و الأربعين تحت الصفر.. ذلك المشهد بالرغم من سحره الأخاذ الذي يبهر الناظرين إلا انه لم يلمس قلبي ولم يشبع روحي!!!
ترى، لماذا هذا الإنفاق الهائل من الأموال والبذخ، ولماذا هذا التبهرج السطحي ؟ فلو جمعت نصف الأموال التي تنفق على الزينة لأنقذت أرواح تحتضر من براثن الجوع.. وأين العدل الأرضي؟ وكيف للإنسانية أن ترفع رأسها ونزيف تناقضاتها عميق؟؟؟
يقولون هنا أن شهر كانون الأول هو شهر المحبة.. عجباً!! حتى المحبة برمجوها وحددوها في فصل خاص.. فبالرغم من جمال ليلة العيد، و الهدايا، والأطعمة إلا أنها لا تقنعني لأنها تنتهي مع انتهاء الليلة.. والى اللقاء في السنة القادمة من المحبة وأنتم بخير..
وأعود بذاكرتي هناك إلى البعيد.. في الشرق الدافئ.. وللشرق سحر متميز دائما، ورونق عطر الياسمين لا يعوضه رونق النجوم الثلجية..
تلك التجمعات الكستنائية حول المدافئ في سهرات العيد.. وتلك الجلسات المنمنمة البسيطة تمنح العيد ملمسا مخمليا وأحلاماً عذبة..
لكن للأسف حتى العيد في الشرق قد تحول إلى تجارة، ومظاهر، وبراويز غير صادقة، وينفق الكثير من المال على الرسميات والعزائم، وربما أكثرهم لا يملك المال!! لكن تماشيا مع الضغط الخارجي يرهقون جيوبهم بالديون، وقلوبهم بالأمراض، وأرواحهم تضيع بين الضجيج والازدحام والضغط النفسي العصبي.. فهل العيد دمار مادي نفسي؟؟ أم أنه فعلا تناقضات غريبة في العالم الحالي؟؟ ولابد من إيجاد حلول وسطية، ووعي عميق لفهم الأعياد..
العيد الحقيقي- من وجهة نظري- هو ينبوع محبه يتدفق شلالات تتحول إلى فيضانات من العطاء والعطف والرحمة للآخرين من غير مقابل..هو الإحساس الداخلي بالسلام..حيث يعم القلب الصفاء والسكينة.. وهو شعور الضمير بالراحة والاطمئنان حيث يغفو الإنسان في هدوء وارتياح عذب.. وهو ابتسامة من القلب تشع على شفاه الأطفال.. وهو الإحساس في مشاعر الناس، و تضميد جروحهم بلمسات رقيقه حتى لا ينزفون بعمق.. وإحاطتهم بشال من المحبة والحنان كي يزول صقيع السنين من ديارهم التي هجرها البنفسج، وفارقها الفرح الحقيقي.. فما أجمل أن ترسم بسمة أمل على ثغر حزين.
العيد يعظم بالتسامح.. ويرتقي بالغفران.. و يحلق عاليا في صفاء القلب من كل حقد وبغض.. فكيف نضحك للعيد ونعبس في وجه الآخر.. وكيف نحب الله الذي لا نراه ونبغض القريب الذي نراه؟؟؟؟ .. فيجب أن يكون حبه من حب الله..
المحبة بسيطة.. لا تتطلب الكثير.. رؤية واعية, تفكير سليم, قلب نظيف.. تشبع المحبة و تحيا.. وإن كان العيد هو إحياء لذكرى الأنبياء والقديسين..
فيجب الاقتداء بهم حقا وتطبيق أقوالهم المقدسة، وفهم المعاني الحقيقية، ونشر عبق المحبة احتراما لذكراهم.. فإما أن يكون العيد عيداً حقيقياً، وإما ألا يكون!! مع قليل من التوازن بين السلبيات والايجابيات في الشرق والغرب برؤية ثاقبة تعطي العيد معنى وقيمة أسمى.. وكل عام وانتم بخير ترفلون بالمحبة الدائمة.
سلوى فرح
العيد محبة 2176