هذا المقال الذي تقرأونه ارتجالي وهذا لا يعني أنه للرجال فقط بل يعني أنه غير مخطط له مسبقاً وأنني أرتجله ارتجالاً عبر التلفون لأسباب سأوضحها لاحقاً، يعني باختصار أي كلمة تطلع في راسي أقولها وخلاص.
ولعلمكم هذه أول مرة أكتب فيها مقالاً ارتجالياً مع أن حياتنا اليومية في اليمن يغلب عليها الطابع الارتجالي فكل شيء تقريباً نرتجل فيه.. الشيء الوحيد المخطط له جيداً هو صرفة القات ولعل ما جعلني أرتجل لكم هذا المقال هو:
1- أن الشعار الأساسي الذي نرفعه جميعاً هو "خليك في البيت" فلا يوجد حدائق فأكبر حديقة في صنعاء مثلاً موجودة في حي الحصبة التي أصبحت تسمى بـ"قندهار" حتى لعب الأطفال أصبحت مع وقف التنفيذ، والمراجيح أصبحت معلقة وبالتالي فلا شيء يميز هذا العيد سوى الحفاظ على الطقس الديني المتوارث والتفرج على الحجاج في الأحلام وليس عبر التلفزيون لأن الكهرباء طافية، ولعل هذا ما جعل أحد المواطنين يقول لي بتلقائية: "يا بخت الحجاج عندهم كهرباء" وقد أدهشني كثيراً منظر القطار الذي يحمل مليون حاج في مكة المكرمة وخطرت لي نكتة من تأليفي، يقال "كان هناك أربعة متعلقين فوق قطار الحجاج واكتشفوا لاحقاً أنهم يمنيين".
2- إنني راكن أنه لا يوجد هناك من يقرأ مقالات يوم العيد حتى لو وجد من يكتب تلك المقالة، ولكن كل شيء جائز في اليمن، فنحن نعيش في ظروف جعلت الأيام كلها شبه بعضها "الأعياد كالأيام العادية والعام كله إجازات و.. و.. الخ".
3- أن الليلة ليلة عيد والساعة الآن بعد منتصف الليل وما فيش كهرباء وأصحاب محلات النت سافروا ويفترض أنني الآن أخرج أشتري جعالة العيد "الزبيب واللوز و..و.. الخ".
4- أنني أرتجل هذا المقال على استعجال لأنني أصبحت أشعث أغبر مثل أبو العريف وما يجعلني مطمئناً هو أن أصحاب محلات الحلاقة في هذا العيد خصوصاً لم يجدوا الزحمة الخانقة التي تحدث في كل عيد، حيث لا تجد سوى بضعة أفراد في صالون الحلاقة.. تماماً كما هو الحال في أسواق، الغنم فتسعون % من الذين يدخلون تلك الأسواق يتفرجون ويبايعون ويمسكون بالخرفان ويتفحصونها ويعدون أضراسها ضرساً ضرساً.. لكنهم لا يشترونه لأنهم ببساطة لا يملكون ثمن بضعة دجاجات للعيد.
5- حالة القلق التي يعيشها الناس جعلت الإحباط يباغت الفرحة وجعلت الغموض هو سيد الموقف وحالة الناس أشبه بحالة الشد العضلي والمعيشي والشعوري، فالشعب كله في وضع المعلق والمعلقات لم تعد سبع بل أصبحت هناك شعوب معلقة بأكملها، ويا محبي النبي صلوا عليه.