فجأة وبلا مكيفات داهمنا برد قارس في صنعاء، وأصيب الأطفال بنزلة برد شديدة انتقلت كالعدوى، فأصبحنا، أصواتنا مبحوحة، وحناجرنا خارج نطاق التغطية، ومنزلنا الصغير أشبه بدار للصم والبكم.
في البداية اعتمدنا على لغة الإشارة مثل الهنود الحمر، وسبحان الله طلعت غبي في لغة الإشارات وأطفالي "بلابل" وأذكياء، فأعلنت حالة الطوارئ وأصدرت فرمان بتعطيل لغة الإشارات والاعتماد على الكتابة في ظل غياب الصوت، وهو ما سأتفوق فيه باعتباري "صحفي".
وبرمجت التلفون برسالة مكتوبة تصل لكل من يتصل: "لا يوجد صوت في الوقت الحالي، يرجى إعادة الاتصال بعد رحيل الشتاء".
تفاجأت بطفلي الصغير يقف أمامي وهو يحمل لافتة كتب عليها: "الشعب يريد كسوة العيد".
أخذت قلماً وكتبت لوحة ورفعتها: "إذا كان رب البيت في شدة الطفر.. فشيمة أهل البيت كلهم الصبر".
ذهب الولد الصغير وعاد بعد ثوان وبجانبه أخيه وهما يحملان لافتة مكتوب عليها: "وماذا نلبس في العيد؟".
رفعت لهم لافتة كتبت عليها: "من كوى ملابس العيد الصغير لبسها في العيد الكبير".
بعد دقيقة عادوا وهم يرفعون لافتة: "موافقون بشرط انك تخزن بقات بايت من حق العيد الصغير".
كتبت لهم: "أبوكم طفران".
كتبوا: "دبرها من حيث ع تدبر حق القات".
فجأة تدخل طفلتي الصغيرة وهي تحمل لافتة مكتوب عليها: "إعلان فقدان خروف العيد".
فرفعت لها لافتة: "ألا ليت الخروف يعود يوماً لنخبره بما فعل الحراف".
بعد دقائق دخل جميع الأولاد وهم يحملون لافتة مكتوب عليها: "إرحل".
خرجت من البيت، فتلاقيت مع صاحب البيت فهتف غاضباً: "أين الإيجار؟".
فأخرجت القلم وكتبت لوحة ثم رفعتها أمامه: "إذا كان المؤجرون مستعجلون على الإيجار فشيمة المستأجرين الفرار".
هتف صاحب البيت :" أنا أُمي ما بقرأ ولا أكتب".
كتبت له لوحة ووضعتها في جيبه قبل أن أنصرف: "خلاص خلي أمك تبرجك بالإيجار".
دخلت البقالة وأنا أرفع لوحة مكتوب عليها : "طبق بيض فوق الحساب".
فرفع صاحب البقالة لافتة: "ممنوع الدين وكلمة بعدين يا غراب البين".
فوق الباص اختلف راكبان في آرائهما السياسية وتطور الأمر إلى اشتباكهما بالجنابي، فكتبت لافتة ورفعتها: "لا صوت يعلو فوق صوت صاحب الباص".
في سوق القات وقفت أمام المقوت وأنا أرفع لافتة مكتوب عليها: "علاقية سم لو سمحت؟".
فرفع المقوت لافتة مكتوب عليها: "ومن القات ما قطل".
إليكم الآن أجمل عبارة ولافتة ولوحة وبوكيه ورد وزجاجة عطر يمكن أن تعطروا بها قلوبكم: "اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين".
Ghurab77@gmail.com