في بلد نصف سكانه أمييون والنصف الآخر لا يحبون القراءة ومن يقرأ يفضل قراءة النكت في الصحف أو رسائل الغرام وفي أحسن الأحوال قد يقرأ أخبار الحروب ويحل الكلمات المتقاطعة.
فلمن نكتب إذن؟ لو أن الرئيس يجيد القراءة لما أوصل البلد إلى ما هي عليه من تخلف وفقر ودمار, ولو كان رجال الحكومة يتصفحون الصحف اليومية ويقرأون باهتمام ما يكتب فيها عن مشاكل الناس وهمومهم واحتياجاتهم لما انتفضوا, معلنين ثورة ضد رؤسائهم.
وعموماً.. لو كان الحكّام عامة يحبون القراءة لتمعنوا الى ما أنزل الله في كتابه الحكيم من أوامر ونواهي ربما حينها لم يكن أحدهم يتجرأ على ظلم الناس لأنه كان سيخاف عقاب العزيز الجبار الذي أعد للظالمين وحذر منه في كتابه الحكيم ولو كانوا يقرأون كتب التاريخ لأخذوا العبرة منها وكانوا حينها سيخافون من أن تكتب اسماؤهم مع زمرة الملعونين عبر العصور وعلى مر التاريخ لظلمهم وسوء حقبهم.
ولو كان الناس ايضاً يجيدون القراءة ويعطونها حقها من اوقاتهم المهدرة في مالا ينفع لنشأت أجيال واعية مثقفة ولخرج من بين ظهرانيهم حكام من نفس مستوى وعيهم وثقافتهم.
من خلال القراءة يتعرف الناس على ماضيهم وتاريخهم وأصولهم, لذا ينشأ الفتى مفتخراً ومعتزاً بأسلافه وأجداده فيعرف حينها كيف يضع قدمه في موضعها الصحيح وكيف يخطو نحو دروب المجد دون أن تزل قدمه في حفر الجهل ويتيه عقله في دياجير التخلف فتمضي أجمل سنوات العمر في متاهات وملذات الحياة الرخيصة؟؟
لكن يبدو أنه لم يعد هناك الكثير ممن يحبون القراءة ويعرفون قيمتها في بناء عقول ناضجه وتربية أجيال واعية وإذا أردنا أن نرى منزلة أمة من الأمم وموقعها من الحضارة ونقيس حظها من الثقافة والعلم, فلننظر إلى منزلة القراءة فيها وإذا أردنا أن نعرف مكانة القراءة في بلد ما فلنقارن عدد المكتبات فيها بعدد مراكز التسوق ومحلات الانترنت.
ربما لو كنا نقرأ لما أصبحنا ونحن شعبٌ واحد منقسمين و مشتتين إلى فئات وأحزاب وكتل متعصبين متحجرين على حساب وطن ضاع منا حين ضيعنا اوقاتنا في مضغ شجرة ملعونه جعلت عقولنا ساذجة التفكير معطلة الابداع عاجزة عن التغيير ضيقة التخطيط للمستقبل
ونشأت أجيال وأجيال على مفهوم ان القات مهم جدا حتى لا تدمن المخدرات وضيع وقتك في مضغ القات خير من ان تخرج الى الشارع وبالتالي ترسخ مفهوم ان الرجولة في حمل السلاح على الكتف خير من حمل شنطة فيها كتب ويد تمسك الزناد خير من يد تمسك بالقلم لذا لا تستغرب أبدا حين يستوقفك طفل يفتش سيارتك وهو يرتدي بدلة عسكرية وعلى كتفة تتدلى بندقية قد تصل الى نفس طولة وهو لم يكمل حتى دراسته الابتدائية .
إضاءة...
امنحني قلماً وكتاباً
وورقة بيضاء
سأقرأ في الكتاب تاريخي
وسر وجودي
وارسم بالقلم حاضري
وألون المستقبل
بفكر مستنير
لاتحده القيودِ
وامضي رافعاً جبيني
زهواً بديني
أعبد ربي
أبني ارضي
وكل الأرض حدودي
