يقال إن عجائب الدنيا سبع، لكن الجهات المعنية والمنظمات والنازحين يرون أنها قد بلغت الثمان على يد الهيئة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين الذين مازالوا حتى اللحظة يعزفون على الوتر الحزين، كونهم وحدهم المستفيدين من تلك الإحصائيات التي تجاوزت إلى المعقول والخيال في الأرقام الإجمالية لنازحين أبين في عدن ولحج، والمتصفح لتلك الكشوفات سيكتشف مدى المبالغة والتخبط والعشوائية فهناك التكرارات لنفس الأسماء في أكثر من مديرية وهناك مئات الأسماء التي تم اعتمادها مع أنها لا تمت للنزوح بصلة وبالمقابل هناك أسماء مازالت تعاني وتناضل حتى اللحظة للحصول على مستحقاتها من الإغاثة من دون جدوى، رغم أن بطائق الهوية تؤكد أنهم من أبناء العاصمة المنكوبة تحديداً وضواحيها المكلومة ممن أجبروا على الخروج من منازلهم عنوة، فتحت وطأة المواجهات وقعقعة السلاح تركوا منازلهم ومتاعهم طلباً للنجاة، فوجدوا أنفسهم حفاة عراة بعد أن فاتهم القطار لأنهم مستضعفون وغير ماكرين من جانب أو أعزة ذلت فصارت بين عشية وضحاها في حكم المتسول رغم أحقيتها فقد حال تعففها أو فقرها وضعفها وقلة حيلها وتسلط وعجرفة القائمين على النازحين دون حصولها على حقها.
وتعالوا بنا إلى جولة الصولبان لنقرأ كل ذلك على وجوه النازحين الباحثين من مسجلين أو أولئك الذين عدوا من الناجحين أكانوا مستحقين أو من غيرهم من المتسلقين الذين جحدوا نعمة الله عليهم افتراءً.
وتعالوا أيضاً لنقرأ كيف يتلذذ المشرفون بعذابات المستضعفين النازحين على أرض الواقع بإعطاء كروت بالقطارة أي بالعدة ـ غير عابئين بتلك الطوابير المتدافعة منذ ساعات الصباح الأولى إلى الجولة وكأنهم في اسباق مع الزمن إذ لم يتبق من العيد إلا أيام معدودة، ثم إنه الخوف من تكرار ما حدث من توقيف للفرش والبطانيات بشكل مفاجئ ومع ذلك فاللجان لا تبدأ عملها إلا في التاسعة فما فوق وفي الثانية عشرة الانصراف وبأعصاب باردة.
من دون شك أنها خيبة أمل تتكرر يومياً من دون أدنى أسف أو مراعاة لفقر أسر وعجزها عن توفير المواصلات اليومية سيما من ذوي الدخل المحدود، أو عدمه ولا أعلم إن كانت الهيئة قد شكلت لمساعدة النازحين أم للاسترزاق منهم وعليهم فهذا اسمه سقط سهواً وذاك قصداً وذاك عفواً هذا فيما يخص قطمتي السكر والأرز وكرتون الفول والطماطم أما إن أرادوا الحصول على مادة الدقيق فقد كنت أظن أنها ستكون في منأى عن أعمال السمسرة والمماطلة لكن هيهات فقد خاب ظني وأنا أستمع إلى طرق ملتوية لصرف الكروت الخاصة بالمنظمة لقاء مبلغ قدره ألف ريال قابلة للزيادة أما المماطلة فلك أن تتخيل عزيزي القارئ أن يتم صرف ما لا يزيد عن "15" كرتاً فقط في اليوم وبالتسلسل الأبجدي لمئات المسجلين من الحالات المعتمدة، إنك تحتاج إلى عدة أشهر حتى تحصل على إغاثتك وربنا يعطيك الصحة والصبر الجميل هذا طبعاً إن لم يتم التصرف بها كما حدث بمواد أخرى غادرت المستودعات إلى جهات غير معلومة، فضلاً عن شحنات إغاثة ليس لنا منها إلا ما شاهدناه وشاهدتموه معنا على القنوات الفضائية أو قرأتموه معنا وبالأخص العمانية التي تم توزيع جزء منها في لحج أما نصيب نازحي عدن فإشاعات لا تسمنُ لا تغني من جوع ما بين قائل إنها احترقت وقائل إنها في المستودعات قد تم التحفظ عليها وقائل إنها قد اتجهت إلى إحدى المحافظات، المهم تتعد الإشاعات والنتيجة واحدة أن الإغاثة العمانية فص ملح وذاب.