الحمدلله:
الحمد لله الذي لا يحمد على مكروهٍ سواه، له الحمد والشكر في كل وقت وحين، نحمده في السراء والضراء على نعمه وإن كانت في بعض الأحيان تتحول إلى مادون النعمة ولكن له الحمد لأنه من يكتب الآجال ويسخّر الأرزاق ويعطي من يشاء بدون حساب، فالماء نعمة جعل الله منه كل شيء حي، وأراد من ولاّهم الله أمرنا أن يحرموا أبناء الشعب منه، ولا تدري من سيصدقك وأنت تحدّث أحدهم عن مشكلة المياه في بلادنا وكيف أن الجميع ينتظر اليوم المحدد من الأسبوع المحدد من الشهر المحدد في العام المحدد والعقد المحدد ولربما تصبح في القرن المحدد لحضور الماء وجريانه في مواسير المشروع، ويا فرحة ما تمّت لأن الماء جاء ومابش كهرباء وكيف عتشتغل الدينمو حق الماء ولا حل سوى إن الواحد يقوم بنقل الماء في سطول وأوعية من نحاس وبلاستيك والبركة في دباب الماء اللي كانت أيام الإمام موجودة وعادت للظهور ولكن بفارق بسيط هو أن سعرها يصل إلى ألف ريال أحيانا وداخل أمانة العاصمة والسبب إنه الطلب عليهم زاد، والحمدلله .
سؤال لكل قارئ:
بأمانة أتحداك وأنت الآن تقرأ هذه السطور أن تقف عن القراءة وتحاول فقط أن تحسب المشاكل والهموم التي تحيط بك والتي هي في الأساس عند باقي شعوب العالم ليس لها أي ارتباط بنفسية الإنسان التي تحتاج إلى راحة فكر من أجل تنمية المواهب وإبراز الفكر والعمل بكل نشاط وحيوية، حاول فقط أن تحسب بداية من لحظة استيقاظك من النوم وبالطبع سيكون الظلام رفيقا لكل من يقصدون المساجد وبشراهم النور التام يوم القيامة، لأنهم مَشَّاؤون في الظُّلَم إلى المساجد، وبدلا من المغامرة والذهاب إلى المسجد وأنت متأكد بما نسبته 95% إنه مافي بالجامع ماء، ولكن ستغامر وتذهب وتعود إلى البيت وكل هذا من أجل أن تنعم بعيش يومك وأنت في حفظ الله حتى تمسي، وأن لا تترك صلاة الفجر، وكما قيل أمة لا تصلي الفجر لا تستحق النصر، وبعد الصلاة تفضل عزيزي المواطن روتين حياتك اليومي المعاش في واقعك البائس داخل هذا الوطن الجريح بأيدي من سلبوه عزته وكرامته وثرواته وميزانياته ومدخراته ونفطه وزيته وحتى مياهه، لا تقل لي أنا ليس عندي إلى الآن هموم المدارس ومصاريفها وأدوات الدراسة ومستلزماتها ويكفي هرم النسوان فلا مزوج سلي ولا عزب مستريح، ولا تقل لي انك شاب ولا تفكر بمتطلبات الحريم والسوق والمنزل، ويكفي أن تكون مستأجر في عزبة ولا تدري هل تكافح طوال ليلك كي تنعم بشيء من الهدوء والنوم، أم تظل في خوف ورعب والظلام يحيط بك من كل جانب بسبب إن الجماعة يقوموا آخر الليل يتمازحوا بالطماش أو الله أعلم هو طماش وألعاب نارية أو يمكن حاجات ثانية لأن الطماش ياجماعة الخير ما يخربش بيوت على رؤوس ساكنيها، وماذا بعد ؟؟ تبدأ رحلة البحث عما كتبه الله لك من رزق وكلا يحمل هموم عمله فوق رأسه ولا فرق في هذه المسألة بين كبير وصغير وموظف وعاطل ومهما اختلفت التسميات، فبعض الموظفين يستيقظ يوميا بابتسامة عريضة كي يطلب من أم العيال مائتين ريال حق المواصلات لجل يروح للعمل، أو من جاره صاحب الدكان، أو من صاحبه، وهكذا تبدأ رحلة الشحت اليومي ابتداء من المنزل ومرورا بصاحب المخبز والبقالة والبوفية إذا مافيش غاز في البيت ولا طحين ولا شاهي، وانتهاء بالمدير في الشغل والزميل وحتى الزميلات لم يسلمن من قروض البعض والتي تتميز بأنها قروض بدون فوائد وبدون تسديد أيضاً، بالمقابل كيف يجد العاطل نفسه وهو لا يدري من يطلب فلا زوجة ولا صاحب مخبز أو بقالة يثق به ولا حتى صاحب، لأن أصحاب العاطل معدومون كما هو الحال بنصيبه من الدنيا، سبحان الله وكل هكذا وقالوا ليش ثورة؟ نعم يتساءلون كثيرا وما أكثر الحمقى وما أقبحهم على الحديث عن ديمقراطية الأفواه المفتوحة والبطون الفارغة والعقول الخاوية، ما أحقرهم في الحديث عن الحمد والشكر وهم لا يعرفون معاني الحمد والشكر ولم يتذقوا مرارة البؤس يوماً، بل اكتفوا بالهروب والإقامة في أي دار مهجر وقالوا احمدوا الله، سنحمد الله وسنسأله أن يزيل نعمة كل من لا يحس بقيمة النعمة، وسنرجوه أن يذيق كل من يتكلم عن العافية مرارة العناء والمرض، وكل من يتحدث عن الأمن وفي بيته ثلاث قطع سلاح شخصي عشان السرق والمتقطعين، سنحمد الله ونشكره أيضا على المساواة بين خلقه في الهموم .
خلاص كفاية :
من كثرة انقطاع الكهرباء لم يعد أحد يتحدث عنها في المدن الرئيسية فما بالكم بالأرياف وأعتقد أنه حري ببقايا النظام البائد إذا كانت تنوي مواصلة مسيرة البؤس والفقر التي يعيشها الشعب، أن تقوم ببيع أسلاك الكهرباء النووية وقضبان السكة الحديدية ومواسير الغاز المنزلي العمومي واستبدالها كلها بالليزر عشان حرام إحنا نتعذب وغيرنا عايشين حياتهم بالهمس واللمس والإيحاء، ولا يجهدون أنفسهم أو يكلفونها مرارة الحديث والطلب، فعقولهم تخاطب التكنولوجيا ويجدون ما يريدونه بين أيديهم، ونحن سئمنا وتعبنا ومللنا وكرهنا أنفسنا ونحن ليل نهار نحاول أن نّعرف البعض أن ما يعيشه يسمى مأساة واستحقار لكينونة وإنسانية الإنسان وهو يصر على أنها قناعة والقناعة كنزٌ لا يفنى ويا للعجب.
a.mo.h@hotmail.com