;
حافظ الشجيفي
حافظ الشجيفي

ماذا يريد الشعب؟ ... 2211

2011-10-20 05:25:41


 أسئلة كثيرة تتوارد إلى الذهن عما يريده الشعب في خضم ثورته لإسقاط النظام في الميادين والساحات هذه الأيام... إرادة الشعب المقهور والمخدوع بشعارات ترددت كثيرا عبر وسائل إعلام موجهة وعبر ساحات وميادين ومباني وشوارع المدن التي تشوهت بتلك الشعارات الجوفاء والتي كان ظاهرها الحرية والعدالة والمساواة والديمقراطية بينما أثبتت حقيقتها على مدار السنوات والعقود الماضية، إنها كانت تقيد الحريات وترتكب المظالم وتركز على التفرقة بين أفراد وأطياف ومذاهب الشعب الواحد وتتحكم بمقدراته وقراراته وخيراته من خلال دوائر الفساد والإفساد....فثبت بأنها إنما كانت مجرد مجموعة من المنتفعين والجهلاء ء من الأقارب والمافيات المرتبطة بها.. لا انتخابات حرة ونزيهة ولا مجالس نواب ذات صلاحيات تشريعية ولا قضاء مستقل ولا إعلام حر.
ماذا يريد الشعب ؟؟؟
الشعب أو الغالبية العظمى من الشعب، تريد أن تعيش عهداً جديداً لا شعارات جديدة، عهداً ملؤه الأفعال لا الأقوال، يطوي صفحة الحاضر الشاهد على إفلاس " القطيعة مع الماضي " وخيبة الأمل في " المفهوم الجديد للسلطة "، ويؤسس لمستقبل تسوده الصراحة والثقة المتبادلة بين الحاكم والمحكوم وتعمه الحرية والعدالة والكرامة، وهم يريدون لهذا الشعب أن يبقى في دار " قارون " لا يرى إلا ما سمح له بمشاهدته، ولا يسمع إلا ما يرضيهم، ولا يتحرك إلا بعد موافقتهم.
الشعب الذي أعاد للحاضر ثورات الماضي في صور أشد وأبلغ مما كانت عليه، وفي تحركات واعتصامات وتظاهرات عفوية سلمية تؤطرها لقمة الخبز وتؤججها نيران الغلاء في كل شيء، وتحركها الحاجة لكل ما يلزم لمقومات حياة إنسانية تليق به كشعب ينتمي إلى طينة البشر يريد أن ينسى أن وطنه لا زالت تحكمه العصا وليالي الخوف والتوجس وأصوات المدافع وهتك الأعراض وعصا القبيلي وسجونه الخاصة وقانونه الشخصي، وهم يريدون بإصرارهم على تكريس ذات الواقع ونهجهم لسياسة القمع العابر للحدود وتدشينهم لعهد جديد من الاستبداد والعصبية والمحسوبية والعنجهية وشريعة الحروب وليالي الخوف و يريدون أن يؤكدوا لهذا الشعب أنه لا خيار له أمام ذلك إلا أن يخرسوا ويصمتوا ..أو يحفروا قبورهم الجماعية ..
الشعب يريد كغيره من الشعوب التي تعيش تحت وطأة الاستبداد السياسي أن يسقط ما لهذا الاستبداد من أصول وفروع وأن يؤسس لحاضر الديمقراطية الحقيقية، حتى لا يتعايش بالجبر والإكراه مع سلطة واحدة تستولي على كل السلطات ولا تترك لغيرها سوى حقائب ملغومة يعجز حاملوها والراضون بها عن امتلاك مفاتيحها أو فتحها دون تصريح منهم، وهم يريدون لهذا الشعب أن يكون إمعة لا رأي له ولا سلطة يملكها حتى لا يضيق عليهم فيما يبخسون وينهبون ويسرقون من خيرات وثروات .
الشعب يريد نخباً تبني ولا تهدم، تجمع ولا تفرق، تغار عليه وتحمي مصالحه، تمارس نقداً هادفاً، وتؤطر أجياله وتقيم ما في وطنه من اعوجاج وتخرجه من التربع على عرش الرتب المتدنية في كل المجالات والقطاعات إلى منافسة حقيقية على ما للتقدم البناء من معان وتجليات، وهم يريدون نخبا تغرق في الفساد والمحسوبية ولا تعرف إلا نقداً مرتبطاً بالجيوب، نخباً تتغير قبل أن تغير، ولا ترضى إلا أن تكون حائطاً تعلق عليه الخطايا وتمسح بجنباته كل الزلات والتعثرات .
الشعب وكل الشعب يريد أن ينأى بأبنائه عن شرنقات البطالة المفجعة واليأس الفتاك والرتابة القاتلة ويقي أبنائه نيران الفقر وجمر الفاقة وذل السؤال، وهم أيضاً كحكام يريدون لأبنائهم ما يريده الشعب لأبنائه، وما يريدونه لأبنائهم يحقق بسرعة مع بعض الزيادة والإضافة ولا يريدونه لأبناء الشعب .
الشعب يريد لكل صوت حر أن يسمع ولا يقمع، ويريد للمداد الصافي أن تكثر منابعه ولا تجف، وأن يخلى سبيل الإعلام الهادف ولا يضيق عليه، وأن يترك لحال سبيله كل من يجعل من الحرف وسيلة للتغيير أو التعبير عن حلم يعشق الغد الأفضل ولا يتربص به الدوائر، وهم يريدون لشاشات التطبيل والتبذيل الأخلاقي والفكري أن تطغى على غيرها، ولجرائد الأكشاك المطبوعة بحبرهم ولغتهم التي تمجدهم يبتغون الازدهار والكثرة وعدم المنافسة، وهم يريدون خطبة كل قلم يبيع نفسه وعرضه ومبادئه ويشجع على ثقافة الإتكال بثمن بخس حتى لا يُرى ولا يقرأ إلا ما يبثون وينفثون من هموم وسموم على شاشاتهم ومطوياتهم الرسمية .
الشعب يريد أن يمحو من قواميس اللغة والواقع ما اصطلح عليه باقتصاد الريع حتى ينسى ما في وطنه من اقتصاد بالفساد يمور ويموج، عليه القوم تجمعوا، وبالنسب واللقب والقبيلة والكنية فوقه تربعوا، وعلى نهش ما تبقى من جسده العليل أجمعوا، وحتى يتناسى أن عشرة في المائة أو أقل من ذلك بكثير يملكون ما فوق أرض الوطن وما تحتها ويتحكمون فيما تحويه البحار وأعماقها، وحتى لا يتذكر أن البقية الباقية من المائة يحرم عليهم التقاط الفرص أو امتلاكها، ويردعون إن هم فكروا في يوم من الأيام أن يكون لهم حظ من الفتات المتساقط من على موائد "العمولات والسمسرة "، وهم ـ أي الحكام ومن تبعهم وسار على اثرهم من التابعين والمستفيدين والمنتسبين إلى نظام فسادهم ـ يريدون محو كلمة " الحق في الثروة " من حيز الوجود، ويرددون شعارا ورثوه، يقول : "ما في الأرض وما تحتها لنا، وما في السماء لنا نصفه"، ويريدون أن يبقى هذا الشعب نائماً بدون أحلام قد تقوده إلى المطالبة بحقه في ما تزخر به الأرض وتجود به السماء .

الشعب يريد موازين لإصلاح قضاء معوج حتى ينصف في قاعات المحاكم، وموازين لتقويم تعليم متأخر حتى يمحو عنه وعن أبنائه أمية تحول دون مزاحمته لركب الأمم الراقية، وموازين تصلح حاله حتى يتمتع بعيش كريم ينأى به عن تقلبات الدهر وغدر الزمان، وموازين تعيد له الأمن وتخلصه من مخالب الجريمة المتنامية وأساليب الغش والخديعة والدجل ، وموازين عدل تساوي بينه وبين أبناء حكامهم ومسؤليهم، وموازين تحفظ كرامته في المستشفيات والإدارات العمومية وفي كل القطاعات والمجالات، وهم يريدون موازين مخصصة للبهرجة ودواوين القات التي لا يتسع لها امتداد البصر، ويريدون موازين تنقلب فيها الموازين وتسمن فيها بطون البعض و يضحك بها على فئة عريضة من الشعب، موازين يرقع بها ما لا يرقع ويخفى بها واقع الظلم والاستبداد والتهميش والتمييع .
ثمة أمور لا تعد ولا تحصى، تدخل في باب الضروريات والحاجيات يريدها هذا الشعب، وثمة أشياء يريدها من لا يريد ما يريده الشعب، وبين ما يريده هؤلاء وما يريده الشعب تناقضات أنجبت ثورة بدأ بتظاهرات الثالث من فبراير وما قبلها وانتهى إلى دخول كل فئات الشعب في اعتصامات مدنية بمختلف الساحات، فأمسى الشعب كله في وقفة احتجاجية وهو ما ينذر بأزمة تلوح بأفق أسود مظلم وقد حان الوقت لإيجاد حلول نهائية لها، ولن يتأتى ذلك إلا بتحقيق ما يريده الشعب وما يحقن دماء أبنائه، والتخلص من عقلية وثقافة " أنت تريد وأنا أريد ولا يكون إلا ما أريد " 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد