;
د. محمد عبدالله الحاوري
د. محمد عبدالله الحاوري

من مظاهر الولاء للمؤمنين 2503

2011-10-20 05:24:25


    إن مظاهر الولاء للمؤمنين كثيرة، ومنها:
1. المودة، ففي الحديث المتفق عليه، قال رسول الله : "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". ومظاهرها كل ماله علاقة بالحب وبناء المودة وترسيخها والحفاظ عليها، ومن ذلك البشاشة للقائه "لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق"، والابتسامة في وجهه "تبسمك في وجه أخيك صدقة" وفي الحديث الشريف: "إذا التقى المسلمان؛ فسلَّم كل منهما على صاحبه، وتصافحا، كان أحبهما إلى الله تعالى أحسنهما بِشْرًا لصاحبه، ونزلت بينهما مائة رحمة: للبادي تسعون، وللمصافح عشر"([1]) و"إن الله تعالى يحب السهل الطليق"([2])، وإدخال السرور عليه، وجلب المنافع له، ومواساته، وقضاء حوائجه، وستر عورته، وكشف كربته، والتنفيس عنه، مساررته بالنصيحة، وإنظاره إن كان معسراً، قال رسول الله : "أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل: سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهرا، ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظا، ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضى يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام، وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل"([3]) وحديث "من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل"([4]). وبذل النصح له، ومشاركته في أفراحه وأتراحه، والخوف عليه من الأذى، والحرص عليه من العنت، والرحمة والرأفة به وله، ومن ذلك دعوته إلى الخير، والشفقة عليه من النار، والأسف لما يفوته من العمل الصالح، والدعاء له بظهر الغيب، والاستغفار لهم. والفرح لما يناله من الخير، والأسى والحزن لما قد يقع عليه من الضرر، وأن تأتي إليه بما تحب أن يأتيك منه، وليس هناك ما هو أبلغ من كلام رسول الله "يحب لأخيه ما يحب لنفسه". وقال بعض أهل العلم: إذا لم تنفع أخاك فلا تضره. وقال آخر: لأخيك في مالك وجاهك وعلمك، فمن جاهك أن تعينه به، ومن مالك أن تعطيه منه، ومن علمك أن تعلمه إياه.
2. النصرة، قال رسول الله : "ما من امرئ يخذل امرءاً مسلماً في موطن ينتقص فيه من عرضه و ينتهك فيه من حرمته إلا خذله الله تعالى في موطن يحب فيه نصرته و ما من أحد ينصر مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه و ينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته"([5]) ويرى بعض الباحثين أن النصرة تتحقق بعدة أمور منها: الدفاع بالنفس عن الأخ المسلم، وكسر شوكة الظالمين له، وبذل المال له لإعزازه وتقوية جانبه، والذب عن عرضه وسمعته، والرد على أهل الباطل الذين يريدون خدش كرامة المسلمين، والدعاء للمسلم بظهر الغيب، وتتبع أخبار المسلمين في أنحاء المعمورة، والوقوف على أحوالهم، ودعمهم على قدر الاستطاعة([6]). ومن النصرة كفه عن الحرام، وحجزه عن الظلم، وقصره على الحق، وإرجاعه إليه، ومنعه عن الإفساد في الأرض، فإن أعظم النصرة نصرته على شيطانه العدو المبين، وعلى نفسه المارة بالسوء، وعلى هواه المؤدي به إلى الهلاك، قال رسول الله : "انصر أخاك ظالما أو مظلوما" قالوا: يا رسول الله، هذا ننصره مظلوما، فكيف ننصره ظالماً؟ قال: "تأخذ فوق يديه"([7]). يعني منعه من الظلم.
3. الانتماء ومظاهره ربط المصير بالمصير، والشعور بالجسد الواحد عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : "مَثَل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو؛ تداعى له سائر الجسد بالسهر، والحمى"([8]) وعن سهل بن سعد t عن النبي قال: "المؤمن في أهل الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، يألم المؤمن لأهل الإيمان كما يألم الجسد لما في الرأس"([9]).
4. العمل على رفعة الأمة المسلمة، والوطن الإسلامي ابتداءً بالأسرة والوطن المحلي وانتهاءً بالعالم الإسلامي، والأمة المسلمة، فكل عمل من شأنه رفعة الأمة والوطن فهو جزء من الولاء والانتماء، وكل تقصير فيه، فهو تقصير في الولاء، فالعامل الذي لا يحسن عمله يضعف من شأن أمته، ويؤخر مجد الإسلام، ومثله الموظف الفاسد الذي لا يؤدي دوره كما يجب ولا يقوم به كما ينبغي ففي ولائه للأمة دخن، وفي انتمائه إليها ضعف، وكل مسلم على ثغرة، فلا يؤتين الإسلام من قبله، ومن هنا فكل مسلم يراعي واجبات انتمائه إلى أمة الإسلام، فإن أعمالنا معروضة على رسول الله فكيف نعمل لتكون في أحسن صورة تليق بالعرض على أمير الأنبياء وأعظم المرسلين وسيد ولد آدم.
5. الحفاظ على وحدة الصف والبنيان المتراص، عن أبي موسى t قال: قال رسول الله : "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، وشبك بين أصابعه"([10]).
6. الأخوة، وأدناها سلامة الصدر وأعلاها الإيثار، ومنها إصلاح ذات البين، عن أبي الدرداء t قال: قال رسول الله : "ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة"؟ قالوا: بلى. قال: "صلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين"([11]). والقيام بحقوق الأخوة الإسلامية، فـ"المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه"([12]) و"لا يخونه، ولا يكذبه، ولا يخذله، كل المسلم على المسلم حرام: عرضه، وماله، ودمه، التقوى ههنا، بحسب امرئ من الشر: أن يحتقر أخاه المسلم"([13]) "ولا يحل لمسلم إن باع من أخيه بيعاً فيه عيب أن لا يبينه له"([14]) "ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا"([15]) و"المؤمن مرآة المؤمن، والمؤمن أخو المؤمن، يكف عليه ضيعته، ويحوطه من ورائه"([16]) و"المؤمن مرآة أخيه؛ إذا رأى فيه عيبا أصلحه"([17]) وحذر النبي من أن يأكل المسلم، أو يكتسي بأذية أخيه المسلم، أو أن يقوم به مقام رياء وسمعة، قال رسول الله : "من أكل بمسلم أكلة فإن الله يطعمه مثلها من جهنم، ومن كسى برجل مسلم فان الله عز وجل يكسوه من جهنم، ومن قام برجل مسلم مقام رياء وسمعة، فإن الله يقوم به مقام رياء وسمعة يوم القيامة"([18]) والنصيحة لأئمة المسلمين وعامتهم، قال رسول الله : "الدين النصيحة. قلنا: لمن؟ قال: "لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم"([19]).
 قال الإمام النووي في شرح الأربعين النوويةوأما النصيحة لأئمة المسلمين: فمعاونتهم على الحق، وطاعتهم، وأمرهم به، وتنبيههم، وتذكيرهم برفق ولطف، وإعلامهم بما غفلوا عنه، وتبليغهم حقوق المسلمين، وترك الخروج عليهم بالسيف، وتأليف قلوب الناس لطاعتهم، والصلاة خلفهم، والجهاد معهم، وأن يدعو لهم بالصلاح. وأما نصيحة عامة المسلمين - وهم من عدا ولاة الأمر -: فإرشادهم لمصالحهم في آخرتـهم ودنياهم، وإعانتهم عليها، وستر عوراتـهم، وسد خلاتـهم، ودفع المضار عنهم، وجلب المنافع لهم، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر برفق وإخلاص، والشفقة عليهم، وتوقير كبيرهم، ورحمة صغيرهم، وتخوِّلهم بالموعظة الحسنة (أي: يتخير أوقات نشاطهم ولا يتابع الموعظة حتى يملوا)، وترك غشهم، وحسدهم، وأن يحب لهم ما يحب لنفسه من الخير، ويكره لهم ما يكره لنفسه من المكروه، والذب عن أموالهم، وأعراضهم، وغير ذلك من أحوالهم بالقول والفعل، وحثهم على التخلق بجميع ما ذكر من أنواع النصيحة؛ (أي النصيحة لله ولكتابه ولرسوله).
7. الذل للمؤمنين، وخفض الجناح لهم وبذل النصح لهم، وحفظ مصالحهم، والرحمة بهم، ومشاورتهم واستشارتهم، ومعاداة من يعاديهم فهذا مقتضى الولاء.
إن الولاء لله ورسوله وللمؤمنين هو السياج الذي يحافظ على كينونة الأمة المسلمة ووحدتها، وهو من أصول الدين، ومن أهم واجباته وفرائضه، ولا يجوز إعطاؤه للمنافقين والكفار وأهل الكتاب،نسأل الله التوفيق.
([1]) رواه البيهقي في شعب الإيمان.
([2]) رواه البيهقي في شعب الإيمان.
([3]) انظر صحيح الجامع برقم 176.
([4]) رواه مسلم.
([5]) محمد ناصر الدين الألباني: صحيح الجامع الصغير وزيادته، ط3، 1988م، المكتب الإسلامي، حديث رقم، 5690.
([6]) محمد بن سعيد بن سالم القحطاني: ص 269.
([7]) رواه البخاري.
([8]) رواه مسلم وأحمد.
([9]) رواه أحمد.
([10]) متفق عليه.
([11]) رواه أبو داود والترمذي وهذا لفظه، وصححه الألباني.
([12]) متفق عليه.
([13]) رواه الترمذي.
([14]) رواه الحاكم وقال حديث صحيح على شرط الشيخين.
([15]) متفق عليه.
([16]) رواه البخاري في الأدب المفرد وحسنه الألباني.
([17]) رواه البخاري في الأدب المفرد وحسنه الألباني.
([18]) رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني.
([19]) رواه مسلم.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد