"من اعترف بنحسه فلا نحس عليه"، كتبت في صحيفة السياسية، فتوقفت بعد قصف وكالة سبأ، وكتبت في حديث المدينة فتوقفت، وكتبت في إحدى المجلات فأشهرت إفلاسها، وكتبت في "أخبار اليوم" فأصبحت مثل المرحوم "كشك"، لا يمر أسبوع إلا ويحتجزوها مرتين، ثلاث.
قلت أجرب الإعلام المرئي يمكن يفتك النحس، سويت "عصيد" في قناة السعيدة، بعد شهر من العصيدة حرقوا مبنى السعيدة (ذلحين الدكتور/ حامد بيقرأ المقال ويتصل :"عصيدتك متنها يا غراب").
وكنت كلما ركبت باصاً يمشي فاضي وكأني مستأجره "إنجيز"!، والسائق "مطنن" في الخط يهتف في نفسه: (نحستك أمك!!، أصبأ الركاب عن باصنا واتبعوا الهايس الجديد؟! تالله لأبيعنه تشليح!!)، وأقول في نفسي: "أنا نحسته"، وعندما انزل أحاسب نفرين "براءة ذمة" أو بالأصح "بدل نحس".
منحوس مع أني لم اخزن يوماً مع النحاس باشا، و لم أسكن سمسرة النحاس، كما أن الخاتم الذي في يدي عقيق وليس نحاساً، فعلاً المنحوس منحوس ولو حط في جبا بيته "ماطور".
لكن التاريخ يشهد أنني لست منحوساً، زمان أي واحدة كنت أحبها كانت تتزوج، واحدة عدت الأربعين ولم يطرق بابهم عريس واحد، قلت اعمل خير وحبيتها، يا دوب مرت "24" ساعة وإذا بالعريس يطرق بابهم، بعد ساعتين من الخطوبة "مات".
وكادت مشاعري النحسية أن تؤثر على نحسيتي، فاعتزل الناس حتى لا انحسهم، لكني اكتشفت أن النحس الموجود عندي موجود عند غيري "لا تنحسني ولا انحسك النحس ناحسني وناحسك"، واكتشفت أن سبب كل أنواع النحس الواقع علينا إن الشعب لا يحكم نحسه بنحسه، وأن كل فئة من الشعب ترفع شعار:
ألا لا ينحسن أحدٌ علينا × فننحس فوق نحس الناحسينا
إذا كنتم تعتبرونني منحوساً، لأني جلست ألاحق بعد الوظيفة ست سنوات بعد التخرج ولم أتوظف إلا بعد أن اشتعل الريش شيباً، فماذا تقولون في نحس بلد ظل يلاحق بعد عضوية المجلس الخليجي خمسين سنة ولم يحصل عليها، وفي عشية وضحاها حصل عليها كل من المغرب والأردن؟!.
الغراب منحوس ولو حطوا على رأسه إتريك صيني، والبلد منحوسة ولو حطوا على رأسها محطة غازية، تولع يوم وتنضرب أسبوع، ومصدر النحس الكهربائي للبلد هو حكومات منحوسة أنفقت في شراء الديزل ما يضيء قارة آسيا بأكملها بنحس (نخس) واحد.
وإذا كنت منحوساً لأنني لم استطع زراعة قطعة أرض، فالبلد الذي يستورد خمسة وتسعين في المائة من القمح الذي يأكله هو اكبر منحوس!!.
نجي للكلام الجد: لا يوجد شيء اسمه النحس، لكننا قوم تعودنا أن نلقي باللائمة على كل شيء حولنا، لا لشيء إلا لتبرير فشلنا وعجزنا والوهن الناتج عن اختلافنا، وكل ذلك نفعله هرباً من مواجهة أنفسنا، كلما تبدلت علينا الأحوال أو قل المال أو اقتلب علينا الدهر ومال، نمكنها تشاؤم وفال، أو تمائم وأزجال، نبيع أحلامنا ومستقبل أجيالنا بيومك عيدك، نضحي بالمصالح العامة من أجل منافع شخصية، لا نقول يا الله إدي لنا، بل نقول يا الله إدي لهم علشان يدوا لنا، ندور الفائدة ما نروح رأس المال، وشتان بين من يعمل ما ينفع الناس، فيفرج كربهم ويدخل السرور على قلوبهم ، وبين من لا يرى في الناس إلا نفسه ومنفعته ومصلحته.
عطروا قلوبكم بالصلاة على النبي المختار
ghurab77@gmail.com