لأول مرة، منذ إمساكي للقلم انتابني شعور يصعب وصفه, أشبه ما يكون بالنكبة, أمسكت بالقلم لأكتب فتلجمت الكلمات وتوقفت عن النزيف من على فوهة القلم, قلبتُها وحركتُها علّي أهتدي إلى فكرة تلم شعاث الأفكار المشردة في رأسي فباءت محاولاتي بالفشل!!
الوضع من حولي هو السبب , لا تستغربوا , تتشابه الأماكن وتتوّحد بالألم والصرخات وأصوات المدافع فأسمعها معاً ..
يأتيني خبر إستشهاد إمرأه , إصابة رجل , قنص طفل , قصف أحياء سكنيه وتهجير سكانها إلى مناطق مجهولة !!!
أمامي مشاهد لا تُحتمل ... أشلاء , جُثث , دماء وجرحى ,,, أليست هذه المشاهد كافية لُعقم الحروف ووجعها!!!
شعرت أكثر بالنكبة وبحجم الألم الذي تخلفه أصوات القصف وحجم الدمار النفسي والطاقة المستنزفة عبثاً حينما لذتُ بالفرار من أرض الواقع إلى سماء الخيال فتنفستُ روح أمي وهي تُلملم أشلائي دون خوف أو بكاء , حينها فقط شعرتُ بحجم المأساة في الخيال فما بالي بها على أرض الواقع !!
كيف لقلم أن يتكلم ويقف بوجه حاكم وأسرة تدمر شعباً وتمزق أواصره وتعبث في خيرات الأرض لأجل كرسي أبكم لو كان يتكلم لرفضهم !!
وكيف للحق أن يصل للنور ما دام هناك أشباح يطاردون الحق وقائله وكاتبه وطالبه لتكميمهم ليظل الظلم لعنة تطارد الأرض بسيادة الطمع والجشع في النفوس البشرية ؟؟
كيف للإحساس أن يُنشد الجمال طالما وأنه يتمرّغ كل يوم بالآهات وأنات الخوف من غدٍ مُبهم لا يُعرف من بوادره إلا أنه ليس بأفضل من اليوم في وجود مثل هكذا احتقان على شعب لم يطالب بأكثر من حقوقه ؟؟
كيف لأطفال اليوم أن يلعبوا ويرسموا ويدرسوا دون أن تبادرهم الرؤية لأن يشتروا ألعاباً نارية أو يرسموها وكيف للأمان أن يُقذف لقلوبهم وهم منعجنون بأحضان أهاليهم، إحتماء من أصوات الضجيج لطلقات المدافع والمعابر!!
كل هذا ألا يؤهل أن يُبكم القلم هو أيضاً وكل ما حوله نكبة حقيقية ومؤشر لأن النهاية اقتربت والفرح مؤجل إلى حين غير مسمى أو ربما إلى حين انهيار الطمع والجشع إلى أسفل سافلين؟
الآن فقط أعلن التمرد على نكبة قلمي وسيحفر مجدداً في الجدار ثقباً للنور ولينكسر الجمود وسيرتقب خيوط النور طالما أن هناك ثغرة أمل للنجاة من نكبات واكتئاب العالم وما زال لقلمي أمل |أيضاً أن يرى النور ويتحسسه ..
وأما آن للاكتئاب الذي يلف العالم والنفس أن ينجلي حتى تعود للحياة أسرارها الدفينة والتي غالباً ما تثري أقلامنا بالمفيد والجديد ؟!
فلنعلن إذن ولادة أحرف من رَحم الأمل الذي نرتجيه ..