الكل يدرك أنّ الشعب اليمني، في شمال الوطن وجنوبه، قام بالعديد من الانتفاضات والثورات الوطنية ضد الحكم الأمامي في الشمال ومنها ثورة 1948م وحركة 1955م ومحاولة اغتيال الإمام أحمد في عام 1961م. وفي الجنوب قامت العديد من الانتفاضات ضد الحكم الاستعماري البريطاني، ولكننا سوف نستعرض أبرز الانتفاضات التي قامت في الخمسينات.. انتفاضة الشيخ محمد عيدروس وغيرها من القرن الماضي.
ففي شهر مارس من عام 1956م شهدت عدن حوالي (30) إضراباً عمالياً، وفي يونيو من العام نفسه قام الثوار في بيحان محافظة شبوة بالهجوم على المركز الحكومي، وفي خريف عام 1956م أثارت الأحداث - التي شهد تها مصر، إثر العدوان الثلاثي على مصر من قبل إسرائيل وفرنسا وبريطانيا - غضب الشعب اليمني، فازدادت وتيرة العمل الوطني، ضد التواجد البريطاني في المستعمرة عدن والمحميات الشرقية والغربية، فعمل المستعمرون على زيادة التوغل في المناطق الريفية، لاسيما المحاذية لأراضي المملكة المتوكلية في الشمال آنذاك لهذا شعر الإمام أحمد بخطورة هذا التدخل من جهة وما يشهده الشطر الشمالي من نهوضٍ حركي ووطني يهدد نظامه، فعمل على تمتين علاقته بمصرَ العربية والدول الاشتراكية سابقاً، فتدفقت الأسلحة على ميناء الحديدة، فعمل الإمام على دعم الانتفاضة الثورية في المحميات الغربية والشرقية مثل الضالع وردفان والصبيحة ولحج ويافع والعوالق العليا والعوالق السفلى والفضلي وبيحان حتى أنّه أطلق على الفترة “56 - 1958م” في المحميات أيام الشيوعية بغرض تشويه سمعة الثوار لقد كتبت العشرات من الأبحاث والمؤلفات عن ثورة "14 أكتوبر" عام 1963م ولكننا من خلال إطلاعنا على معظم تلك الأعمال التاريخية، نجد كل ما ذكر عن ليلة الثورة قد اختصر في أسطر وفي أحسن الأحوال في صفحات لا يزيد عددها على أصابع اليد الواحدة، ولهذا توصلنا إلى قناعة تامةٍ بأنّ ثورة مثل “14 أكتوبر” غيَّرت مجرى التاريخ في جزءٍ كبيرٍ من الوطن اليمني لم تعط حقها من البحث والتدقيق وخاصة اليوم الأول من الثورة وما سبقه من أحداث أدت إلى حتمية إشراقة شمسه اليمانية من أعالي قمم جبال ردفان الأبية.
لقد حرصت على إعطاء لمحة موجزة عن ليلة ثورة 14 أكتوبر والمقدمات التي هيأت لانطلاقتها من أعالي جبال ردفان، مبينين أهم المفاصل الرئيسية لهذه الثورة، لكننا أحجمنا عن ذكر التفاصيل التي شهدها الجنوب اليمني المحتل بعد 1963م، لأنّه من الصعب على المرء أن يسرد تاريخ ثورة عملاقة مثل ثورة 14 أكتوبر في مجموعة ورق مقدمة إلى ندوة علمية أو مقالة
فثورة 14 أكتوبر لها مسيرة طويلة من الكفاح المسلح استمرت أربع سنوات، اشتركت فيها عدة قوى وطنية وسياسية، وجرت وقائعها القتالية على أكثر من عشر جبهات عسكرية قدمت فيه قوافل من الشهداء الأبرار.
إنّ تاريخ ثورة 14 أكتوبر، برغم ما كُتب عنه من مؤلفات لا زال بحاجةٍ إلى المتابعة والتدوين وخاصة الجانب العسكري الذي أغفل بشكل شبه كامل.
ومع ذلك فإنّ الخوف ليس في عدم تدوين هذا التاريخ النضالي لشعبنا اليمني ضد المستعمر البريطاني وإنّما الخوف يكمن في عدم قراءة هذا التاريخ من قبل الأجيال الجديدة.. فإذا كنا لا نقرأ ما كتبه أبناء جلدتنا كيف لنا أن نقرأ ما كتبه الآخرون ونستفيد منه؟.
ومن هنا نود تذكير إخواننا الجنوبيين بتاريخهم الوطني والنضالي في سبيل الحرية والحق والاستقلال من الاستعمار الخارجي واليوم نحن وإياهم نعاني من الاستعمار والاستبداد الداخلي بل الملكية بثوب الجمهورية, ويجب علينا جميعاً أن نقف في وجه النظام المستبد وندعم الثورة السلمية العظيمة،ونبني يمناً جديداً خالٍ من المحسوبية والرشوة والفقر والعمالة والقتل ونهب ثروات الوطن ونحيا حياة كريمة تحت سقف الفيدرالية اليمنية الحديثة.
رمزي المضرحي
الثورية الأكتوبرية..بين الحاضر والماضي 2212