في السنة المنصرمة وبعد مقتل عدد من الجنود الأميركيين داخل قاعدة عسكرية أميركية على يد طبيب أميركي، أصدر المحامي"باراك أوباما" ـ رئيس أقوى دولة في العصر الراهن قراراً قضى باغتيال المهندس/ أنور ناصر العولقي ـ الأميركي الجنسية والمقيم في جنوب اليمن ـ بتهمة تنطوي على الجهالة وتفتقر إلى الحد الأدنى من الأدلة، على أن تقوم المخابرات المركزية الأميريكية بتنفيذ القرار حيثما عثرت على أنور حتى ولو كان في جحر حمار، ومنذ ذلك الوقت تحول أنور العولقي من شخص يمارس حياة طبيعية إلى شخص استثنائي ومرعب وقضية في ملف سري للغاية تجده في آباط المخبرين السريين وعملاء المخابرات وهو أيضاً رقم في شريحة التكنولوجيا الأميركية في قواعد المخابرات سواء داخل السفارة الأميركية بصنعاء أو على كمبيوترات القاعدة الأميركية في جيبوتي.
وفي 30/9/2011م، قامت طائرة بدون طيار تابعة لعمليات المخابرات المركزية الأميركية من قاعدتها في جيبوتي وقصفت سيارة كانت تنطلق في منطقة الجوف وأحرقت السيارة بمن في داخلها وكالعادة أعلنت وزارة علي صالح الأحمر للدفاع أنها اصطادت فريسة "إرهابية" بحجم أنور العولقي، بوصفه القائد الأعلى لتنظيم وهمي اسمه "القاعدة"، غير أن المتحدث الأميركي لم يترك لتلك الوزارة الاستمتاع بزعمها فأعلن أن من نفذ العملية هو طائرات المخابرات الأميركية وقتلت أنور العولقي وعدداً من رفاقه، حيث بدأت الدوائر الأميركية الثلاث نزاعها القانوني والإعلامي وهي الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي والمنظمات والأفراد القانونيون.
والمتنافسان في الانتخابات البرلمانية والرئاسية الديمقراطي والجمهوري يوظفان العملية توظيفاً سياسياً وانتخابياً من أجل العملية الانتخابية القادمة التكميلية أو الرئاسية وهذا التوظيف إما لسرقة الأضواء على حدث إيجابي أو للتشويش والتغطية لحدث سلبي.. وسوف تنتظر العملية التي تمت تحت عنوان "المتهم مدان حتى تثبت براءته" وفي حالة أنور العولقي حتى يقوم من ينتصر للعدالة لأخذ حقه من من اغتالوه ـ سوف تنتظر لزي المدافعين عن حق الحياة للجميع للقيام بدورهم.. وبصدد العملية الوحشية أدان واستفسر العديد من القانونيين والناشطين الأميركيين الاغتيال الذي طال أنور العولقي خارج نطاق القانون والعدالة وما تزال تداعيات هذه القضية تتفاعل بوصفها من العمليات القذرة التي تتولى تنفيذها المخابرات المركزية الأميركية.
والمهم الآن بعد القول بأن أنصار العولقي وأقرباءه تعرفوا على شخص أنور من خلال "سلاحه الأبيض" الجنبية.. ما هو الرابط بين عودة شبيه الرئيس يوم 23/9/2011م واغتيال أنور ناصر العولقي يوم 30/9/2011 وجائزة نوبل للسلام الممنوحة للناشطة توكل عبدالسلام كرمان في 7/10/2011م؟!.
بعد هذه الأحداث المتتابعة زماناً ومكاناً نشرت "أخبار اليوم" بتاريخ 9/10/2011م، خبراً يقول: "ذكر مصدر بارز في حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم الذي يرأسه الرئيس/ علي عبدالله صالح أن صحة صالح تدهورت بشكل كبير منذ عودته المفاجئة من السعودية أواخر الشهر الماضي.
وفي هذا الصدد نقلت جريدة "الرياض" السعودية عن المصادر ذاتها قولها: إن صالح غادر العاصمة صنعاء الخميس المنصرم 6/10/2011م، إلى عدن للسفر إلى أحد المستشفيات الألمانية للعلاج.. وفي اتجاه معاكس قالت الصحيفة في 11/10/2011م: إن هناك مفاجآت وقرارات مصيرية تواكب "تسوية التخلي".. وهم بهذه الأحداث والتقولات يريدون قول ما يلي:
أولاً: إن عودة شبيه الرئيس، وبنظرهم عودة الرئيس، شكلت حضوراً فعلياً لشريك فعال لمكافحة الإرهاب المتمثل بتنظيم القاعدة الذي يقوده أنور العولقي ولتلك الكذبة لم يكن الفارق الزمني بين العودة والاغتيال سوى "7" أيام فقط، رغم أن الانتصارات التي حققها الألوية العسكرية في أبين ازعجت اللواء/ علي صالح الأحمر ـ قائد الكتائب مدير مكتب القائد الأعلى ـ والذي حاول إثناء الألوية عن مواصلة استئصال بقايا تنظيم علي عبدالله صالح المسلح.
والخبر عن المغادرة فيأتي في سياق سيناريوهات التمثيلية المقرفة والتي أدت إلى سحب "4 مليارات ريال" لتمويل المنحرفين "البلاطجة" وإلى انعقاد ما يسمى بمجلس الشورى وتنصيب أحدهم رئيساً، علماً بأن هذا المجلس لا يستطيع أعضاؤه الالتئام ولو لدقائق في ظل الوضع الأمني الأكثر رداءة وسوف يؤدي إلى إصدار قرارات وهو ما يعني أن هناك شرعية دستورية مقبولة إقليمياً ودولياً.
ثانياً: أن منح جائزة نوبل للسلام لعضو شورى الإصلاح في أمانة العاصمة توكل كرمان تأتي في سياق الاعتذار للشعب اليمني عن عملية الاغتيال وهي التي انطوت ليس فقط على فعل إجرامي، بل على استباحة السيادة اليمنية، إضافة إلى تخفيف حدة التوتر والكراهية بين المجتمع اليمني والإدارة الأميركية، علماً بأن هذه العملية يصعب على الأميركيين تبريرها للمجتمع اليمني مهما قدمت من حوافز، بما في ذلك المساهمة الجادة والفعلية لإسقاط النظام الحاكم وتسليم السلطة إلى حزب التجمع اليمني للإصلاح وحلفائه.
ثالثاً: إن فضائنا لا حدود له، فمن حقنا التجوال في كل الأمكنة الإستراتيجية وغير الاسترتيجية ونعمل ما نريد دون اعتراض من أحد، فقد أصبح لدينا أذرعنا من خلالهم من نشتبه أنه خصم أو عدو للولايات المتحدة الأميركية، فما عليكم سوى الصمت حينما نقصف أي هدف في بلدكم.
إن اغتيال أنور ناصر العولقي تحدياً وامتحاناً يقدم في زمن دورة الانتفاضة أو في زمن الانتفاضة في حالتها الثورية، والأميركيون قدموها كطعم للذين يطمحون لوراثة الرجل الذي رحل دون عودة، والأميركيون من سيلعن متى وكيف سيختفي الشبيه، فالسفير الأميركي في صنعاء يريد التأكد من أن القادمين إلى السلطة سوف يتسامحون وسيتغاضون عن استباحة السيادة اليمنية بصورة دائمة.
عبدالرحيم محسن
اغتيال أنور العولقي 2659