أي ثقافة نشأ عليها هذا النظام وتربى فيها وترعر في كنفها لثلاثة عقود من الزمن ونيف؟ وهل يسير وفق دستور أو قانون أو عرف؟ وإذا كان كذلك فإن الدستور والقانون والأعراف العربية والدولية تحرم اختطاف الصحفيين وموزعي الصحف ومراسليها وتعتبر ذلك من الجرائم الجسيمة ذات الخطر العام التي تهدد أمن المجتمعات واستقرارها.
والملاحظ هذه الأيام هو كثرة الاعتداءات على الصحف والصحفيين والمراسلين والموزعين من قبل بقايا النظام اليمني . هذا فضلا عن اختطافهم واختطاف بعض مراسلي القنوات الفضائية ومصوريها وتهديد بعضهم. وآخر هذه الأعمال المحرمة شرعاً والمجرمة قانوناً هو اختطاف الأخ محمد علي الحاضري موزع صحيفة "أخبار اليوم" مع سيارته التي كانت تقله أثناء عمله في توزيع الصحيفة بالعاصمة اليمنية صنعاء منذو يومين. فما هو الذنب الذي ارتكبه؟ وهل توزيع صحيفة أخبار اليوم المستقلة يعد جريمة في نظر بقايا النظام؟ ولعل ذنبها أنها منبر حر تتحرى الدقة في النقل وتنقل الحقائق إلى قرائها، حيث لايخلو بيت يمني من عشاقها وهي أكثر الصحف انتشاراً بين الأوساط اليمنية. وما أقدم عليه بقايا النظام ليس بدعاً فقد سبق احتجاز الصحيفة من قبل بعض النقاط العسكرية التابعة للحرس والأمن العائلي. كما تعرض مصور قناة سهيل للاختطاف وتم الاعتداء على مراسل "بي بي سي" بالضرب وقتل مصور قناة الحرة كما قام النظام بقتل الصحفي جمال الشرعبي في جمعة الكرامة بساحة التغير بالعاصمة صنعاء.فهل يظنون أولئك بأنهم بهذه الجرائم التي يرتكبونها ضد الصحافة والصحفيين منتصرون؟ وأنهم سيكممون الأفواه وسيمنعون الأقلام الحرة من الكتابة حول انتصار الثورة الشبابية الشعبية السلمية وحول مساوئ النظام اليمني الذي كثر شاكوه وقل شاكروه إن لم نقل انعدم؟، فليثق بقايا النظام أنهم بمصادرتهم للصحف واختطافهم لبعض الموزعين والمراسلين والاعتداء والتهديد على البعض الآخر لن يزيد الصحافة والصحفيين إلا صبراً وقوة وثباتا وصلابةً وانتشارا في أنحاء اليمن أوسع مما كانت عليه. علما بان هذه السلوكيات التي لجأ إليها بقايا النظام إن دلت على شيء فإنما تدل على العقلية الاستبدادية التي ظلت تحكم بها اليمن منطلقة من زاوية واحدة هي الأنانية والتهميش وعدم القبول بالآخر، لاسيما وان النظام اعتاد على الكذب في معظم تعاملاته مع شعبه ومع الغير وهو يسعى إلى وجود صحافة مماثلة له ومؤتمرةً بأمره وذلك ما لم يستطع الحصول عليه فلجأ إلى تلك الأساليب السالف بيانها.وقد ارجع كثيرون من الكتاب وأصحاب الرأي هذا الهوس الذي اتصف به بقايا النظام إلى اليأس الكامل والفشل الذريع المنذر بسرعة الرحيل وأصبح ينطبق عليهم المثل القائل (إذا قدك رايح كثر بالفضايح )، ناهيك أن النظام قد دأب على محاربة الصحف وحبس الصحفيين منذو وقت طويل. وتم تخصيص قضاء مستقل بهم مثل نيابة ومحكمة الصحافة بقصد إثارة الرعب بالصحفيين وتخويفهم من أداء رسالتهم وعن كشف جرائم النظام وانتهاك حقوق الإنسان. ولن تكون مقبولاً عند بقايا النظام إلا إذا كنت أعجم لا تتكلم واصم لا تسمع وأعمى لا تبصر أي فاقداًً لحواسك التي تفضح أفعالهم ولله در الشاعر العربي احمد مطر حيث قال:
لكنما يبقى الكلام محرراً إن دار فوق الألسن الخرساء
ويظل إطلاق العويل محللاً ما لم يمس بحرمة الخلفاء
ويظل ذكرك بالصحيفة جائزاً مادام وسط مساحة سوداء
ويظل رأسك عالياً مادمت فوق النعش محمولاً إلى الغبراء.
وإذا كان البعض منهم يعتقد أن اختطاف موزع صحيفة اختبار اليوم أو غيره سيسكت الصحيفة ويمنعها عن أداء رسالتها. فان من يعتقد ذلك يُعتبر جاهلاً ومغفلاً وأحمق لان الشعب اليمني لم يعد قاصراً فقد بلغ سن التكليف والرشد وقد اجتاز الجميع حاجز الخوف والوجل، فإذا أصر بقايا النظام على الاستمرار في اختطاف موزع صحيفة ما أو مراسل قناة فضائية فإنهم سيكونوا عاجزين عن إسكات الملايين الثائرة سلمياً والمستمرة في ثورتها حتى النجاح النهائي الذي أوشكت عليه. ناهيك أن من قام بالاختطاف سواء كان تابعاً للأمن القومي أو للحرس الجمهوري أو للأمن المركزي فكان عليهم أن لا يُقدموا على ذلك لعدة أسباب منها أن الرئيس صالح قد ظهر أخيرا على التلفاز متكلماً مع بعض أعضاء الشورى والنواب وقد صرح بأنه قد سئم السلطة وانه سيسلمها في الأيام القادمة فلا يكونواً ملوكاً أكثر من الملك الذي أعلن عن قرب رحيله.
anomanlawyer1@gmail.com
أحمد محمد نعمان
احتجاز الصحف واختطاف موزعيها 2397