منحت المناضلة الجسورة (توكل كرمان) جائزة نوبل للسلام وهو استحقاق إنساني لا أرى بعده من مزيد، لما له من كبير الأثر لدى كل القوى التحررية في العالم والشعوب المحبة للسلام والحرية، كما هو أيضاً يقدم الأنموذج الحي والفاعل للمرأة اليمنية التي استطاعت أن ترسم بروح جمالية مترعة بالتقوى أجمل زهرة في الربيع العربي بثورتها السلمية وانحيازها المشرق على الدوام لروح الانتماء إلى العصر بقيم الحب والعدالة، لتجعل هذه الثورة وساحات التغيير ذات بعد أخلاقي إنساني يحفل بمعاني السلام ورايات الحرية ويعير الإنسان معنى وهو يناضل ضد المكبل للإبداع، وضد كل أشكال القمع على كافة الجبهات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية..إلخ .. وهنا فقط ندرك ماذا تعني نوبل ليس للمناضلة (توكل) التي سجلت بجدارة حضورها في التاريخ كواحدة من عظماء الإنسانية، ولكن بالنسبة للثورة السلمية التي شق غمارها اليمنيون وهم يصرون على المجد ومقاومة الاستبداد، متسلحين بالحكمة والرغبة في الحياة الحرة الكريمة التي لا تقبل الجور والضيم، وهنا نقع على ثورة قدمت نفسها بثقة إلى العالم وحازت على إعجابه ولفتت قلاع أوروبا العتيدة المهتمة بالجانب الإبداعي والإنساني لتقدم الثورة إبداعاً وانتماءاً إلى الحياة، أنبل المواقف متمثلة في المناضلة (توكل) وهي تحوز على دهشة أحرار العالم ومناضليه وتفتح زمناً جديداً أكثر من رائع للثورة اليمنية وتكسبها قوة وانتصاراً حقيقياً.
وهنا فقط نستطيع القول بثقة: إن منح نوبل للسلام لهذه الحرة الكريمة (توكل) يعني في أحد أهم معانيه السامية الاعتراف العالمي بعظمة الثورة اليمنية ومبادئها السامية وقوة إصرارها على إنجاز قيم الحق والخير والجمال، ويعني أيضاً أنه ليس بمقدور أحد اليوم أن يشكك في هذه الثورة أو يقف ضدها بأي معنى من المعاني التآمرية، باعتبار أن الحضور العالمي متمثلاً في نوبل الجائزة لا يمكن تجاهله، إنها تجعل كل دول العالم حتى المناوئة للثورة تحترم التضحيات ودماء الشهداء وتعير معنى لتطلع شعب إلى الأمام وفق شهادة حق للتاريخ مرموزاً إليه في ( توكل كرمان) المناضلة التي ألهمت الثورة روح الإصرار والتحدي وإكساب الفعل المقاوم للاستبداد معنى التفتح شذى في الربيع العربي.. وليس أمام النظام والحال كذلك إلا أن يفقه المغزى العميق لهذا الفوز والاستحقاق الكبير ليس في إطار شخصية توكل فقط، وإنما إلى شمولية هذا الاستحقاق على مستوى الكرة الأرضية، باعتباره إنجازاً بشرياً سلمياً، مؤازرته والوقوف معه ودعمه بات أمراً مسلماً به.
بما يعني أن انتصار الثورة اليوم لا يمكن تجاوزه أبداً لأنه يغدو تشكيكاً في منظومة القيم الإنسانية إزاء السلم، ولأنه يدفع كل أحرار العالم ومنظمات المجتمع المدني والدول المناصرة لحقوق الإنسان إلى أن تناصر هذه الثورة حتى استكمال مشروعها التحرري الإنساني السلمي.
وليس بمستطاع الغرب اليوم إلا أن يسجل الموقف الكبير المنحاز للثورة السلمية بدلالاتها الكبيرة عالمياً، ذلك أن الغرب بين أمرين:1- إما أن يؤيد المعنى الرائع للجائزة العالمية وهي ابنه الصلب وصناعته ضد القهر والاستبداد. 2- أو الوقوف ضد هذا المعنى للجائزة وبالتالي الوقوف ضد مناضلي العالم وقواه التحررية وتاريخ النضال الإنساني ضد الظلم والاستبداد والتنكر لكل الذين منحوا هذه الجائزة وهي أسماء تاريخية عملاقة لا يمكن على الإطلاق تجاهلها أو غض الطرف عنها..
وبالتالي لا خيار سو ى أن يقف العالم وبالذات الغرب مع الثورة اليمنية السلمية واقعاً ورأي عين، هنا فقط تغدو الثورة تطلع إنساني من ذات البعد النضالي الذي تجسده (توكل) كرمز لكل القوى التحررية.
على هذا الأساس لابد للنظام أن يفهم أن الوقوف ضد الثورة اليوم لم يعد مجدياً على الإطلاق، لأنه وقوف ضد كل من ينادون بالحرية من الشعوب المحبة للسلام. وبدون أدنى شك فإن اليمن بثورتها تكون قد قطعت الأصعب في تاريخ نضالها وهي الآن تكسب ثقة العالم واحترامه وتنال حظها من الإعجاب والدهشة، ويعترف بها كرافد إنساني تطلعي لكل القوى المظلومة في العالم، باعتبار أنها عنوان سلام لكل أحرار ومناضلي العالم وهي الشرف الذي تنحاز إليه القوى الخلاقة جمالياً.. ولامناص أن يفقه النظام البعد العالمي اليوم من خلال هذه الجائزة بدلالاتها العميقة والواسعة التي تعني فيما تعني أن هناك استبداداً وهناك مناضلين من أجل الحرية وأن هناك قتلاً وقمعاً وبالمقابل قوى محبة للسلام والعدالة.. الجائزة إذاً منحت لأن ثمة مقاومة لمن يقف ضد تطلعات الإنسان وإيمانه بالغد ولو لم يكن النظام قمعياً ولم تقاومه (توكل) وكل الأحرار لما رأينا هذا الوسام الكبير يمنح للثورة اليمنية.. إذاً يعترف العالم بالنضال وأحقية الثورة في الانتصار بعناوين سلام وحب، ويدين بالمقابل ويرفض القمع ومصادرة الحقوق والحريات وتأزيم الأوضاع والحصار ضد شعب بأسره غدا رهينة لنظام تدميري يقف ضد الحرية والحقوق المدنية للشعب اليمني.. الثورة بالمقابل تنال الوسام العالمي، تحوز على نوبل، تقدم نفسها بثقة إلى البشرية، تعبر عن خيار ضروري هو الوجود أحراراً وعن مقاومة ظلم واستبداد، الثورة تقف معها كل شعوب العالم وتنتصر لها وتساندها وتؤيد منح الثورة هذه الجائزة بكل ما فيها من إشارات تجعلنا نسأل هنا: هل يفهمها ويتعامل معها النظام بكياسة وسرعة حلحلة؟ أم يقع في فخ المحللين الفاشلين والإعلام الهزيل؟.. سؤال الغد كفيل بالإجابة عليه..
محمد اللوزي
نوبل البعد الانساني في الثورة اليمنية 2282