تهانينا للمناضلة الكبيرة والناشطة السياسية توكل كرمان فوزها بجائزة نوبل للسلام، فقد فازت بها باستحقاق وجاء هذا الفوز المتوقع لامرأة عظيمة بحجم توكل كرمان، المدافعة عن الحقوق والحريات، والتي تخاطر بروحها ونفسها لأجل حقوق الكادحين من أبناء هذا الشعب العظيم.
مبروك توكل سيرتك وحياتك بكل لغات العالم، تردد في أروقة السياسة، ومجالات الإعلام، وميادين النضال عن الحقوق، وصورتك تمتلأ الصحف العالمية، ويتردد اسمك في نشرات الأخبار والتقارير الدولية والإعلامية محاطاً بالتكريم، ومحفوفاً بالتقدير.
إن التهنئة تتجاوز في معانيها ودلالاتها لحظة الفوز لتمتد إلى الاعتراف بسلمية الثورة، فتوكل في طليعة صناع ثورة الشباب الشعبية السلمية، وشخصيتها فاعلة في مضمار البناء الثوري على مستويات التخطيط والتنفيذ والتقويم، وبهذا فالثورة تقدم للعالم رموزاً للسلام، وتبرز اليمن في مظهرها الأكثر ألقاً وتألقاً، وتوكل وجه سياسي وحقوقي يستحق كل هذا التكريم، ونضالها المتواصل لنيل الحقوق تستحق هذا التقدير.
إن التهنئة مستحقة للمرأة اليمنية التي فازت أول امرأة عربية بجائزة نوبل للسلام من بلد الإيمان والحكمة، وكأنى ببلقيس تزغرد في قبرها، وهي ترى إحدى بناتها وحفيداتها الماجدات تصنع السلام، فقد كانت بلقيس داعية للسلام، ونابذة لخيار الحرب، حافظة لليمن فقادت اليمن إلى الإسلام، في حين قاد فرعون قومه إلى النار.
إن التهنئة واجبة لمعاني السلام التي ترسخها قيم الثورة السلمية الشبابية الشعبية، فهذه توكل الناشطة التي قادت المظاهرات، وهتفت بصوتها في المنصة ومن ورائها الجموع الغفيرة، وناضلت بالقلم والكلمة والمسيرة والتظاهر، بقيت تؤكد على أن الثورة بدأت سلمية واستمرت سلمية وستنتهي سلمية، وفي مقابلتها الأخيرة في برنامج بصراحة مع الإعلامي المتألق صالح الجبري، بدت توكل حاملة هم الوطن ومهمومة بسلامته، ومؤكدة سلمية الثورة.
إن التهنئة لليمن فقد بدأ زمن جديد زمن تذكر فيه اليمن في منصات التكريم، وميادين المجد، ومجالات الفوز العالمي، ومحطات البشرية الأكثر قيمة، وابتدأ زمن لليمن يرفرف فيه علم اليمن في محافل العالم، وأروقة السياسة، بما تقدمه مناضلة كبيرة في قامة توكل وقيمتها.
إن التهنئة موصولة كذلك لهذا الوطن المعطاء، بعد أن بقي صالح يهددنا طوال الوقت أنه لا يوجد أيادٍ أمينة يمكن أن تستلم السلطة، وتتسلم زمام الأمور، جاء الاعتراف العالمي بالتفوق اليمني في شخصية توكل، ليعلم العالم كله أن التوكل ـ ولتوكل منه نصيب ـ هو شأن هذه الثورة العظيمة، وشأن هذا الوطن الكبير، ومسار هذا الشعب العظيم.
إن التهنئة موصولة كذلك لوالد توكل، فهنيئا لك تربيتك الرائعة، شكرا لك أن قدمت لليمن وللأمة العربية وللإنسانية شخصية رائعة ومبدعة بحجم توكل، فتوكل غرس يدك، وثمرة فؤادك، وها أنت والعالم معك يشاهدون نجاحكم الكبير في التربية المباركة.
إن التهنئة موصولة كذلك بكامل التقدير والاحترام لزوج توكل، فقد سمح لها أن تصنع مداراً للمرأة اليمنية، وأن توجد فضاء واسعاً للحرية، وأن تقدم إبداعاتها، وهو ما يعني أنه زوج يدرك علاقته بزوجته، باعتبارها علاقة تكامل، لا علاقة تملك، وعلاقة تعاون، لا علاقة امتلاك، وعلاقة افساح المجال للقدرات لخدمة الأوطان، وهو ما يعنيه البعد الحضاري لعلاقة الزواج، والجانب الأسمى لارتباط رجل وامرأة في تكوين أسرة واحدة.
أستطيع جازما أن أقول: إن نجاح توكل له جناحان أساسيان تربية والدها، وتعاون زوجها، وبذلك قدمت أسرة توكل نموذج الأسرة المربية للطاقة في شخصية الوالد، ونموذج الأسرة الراعية للطاقة في شخصية الزوج، فالمرأة أي امرأة تحتاج زوجاً معيناً، يهتم باهتماماتها، ويعترف بها، ويتيح المجال لها لتظهر قدراتها الفائقة في خدمة اليمن، بل وخدمة الأمة العربية والإسلامية، واليوم أقول: وفي خدمة العالم، فتوكل اليوم وجه إنساني يحظى باحترام الإنسانية جميعاً.
مبروك للسيدة توكل كرمان أصبحتِ شخصية عالمية باستحقاق مشهود، وعلامة أساسية وفارقة في حياة المرأة العربية، وسيظل اسمك هو الاسم الأول في قائمة الفائزات من العربيات بجائزة نوبل، وستبقى هذه الحقيقة غير قابلة للنسيان، وستدرس أجيال اليمن حياتك ونشاطك، وستسمى باسمك ملايين النساء على مستوى الوطن العربي كله.
وأخيرا مبروك يا أحرار العالم فوز توكل لأنها شخصية قوية، ومقاتلة شرسة بالكلمة لأجل حقوق المستضعفين، وويل لطغاة العالم، وفي مقدمتهم طغاة اليمن، إن صوت توكل يسمعه العالم كله، برز وجه توكل في محافل العالم فائزة بجائزة السلام، في حين أركان النظام ينتظرون أن تظهر وجوههم باعتبارهم مرتكبين للجرائم البشعة ضد الإنسانية.
هنيئاً لليمن هنيئاً للحرية، هنيئاً لكل الأحرار، فوز توكل كرمان، عن استحقاق جائزة نوبل للسلام.
ملحوظة: لو أن علي صالح استجاب لمطالب الشعب اليمني واستقال لكان هو الفائز بالجائزة، {وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء} (27) سورة إبراهيم.
د. محمد عبدالله الحاوري
مبروك لتوكل كرمان وللثورة جائزة نوبل 2589