;
جواهر الظاهري
جواهر الظاهري

مجنون!! ..... 1731

2011-10-04 04:51:25

     
كلما نظرت من النافذة أراه عابراً الشارع صباحاً باتجاه الأسفل وظهراً نحو الأعلى، عائداً من وجهة لا يعلمها حتى هو، يرتدي ثياباً لم يعد لها لون، وعلى كتفه يتدلى شعر طويل مجعد ولحية بيضاء، يبدو كأنه قد مرت سنوات لم يغتسل ولم يبدل ذلك الثوب الذي أصبح بلون تراب الأرض.
يمشي بخطوات متثاقلة كأن رجليه لا تكادان تحملان جسده، يجلس تحت شجره على الرصيف ويضع أمامه بعض الطعام الذي يجود به أصحاب المطاعم.
يقولون إنه مجنون وما أكثر المجانين في هذا البلد، لكنه لا يؤذي أحداً ولا يُسمع له صوت حتى يخيل للناظر إليه أنه أصم أبكم.
حين يفقد الإنسان عقله يتحول إلى مجرد شيء يتحرك دون إحساس بالحياة أو وعي لما يجري من حوله لذا لا يهتم لأمر الناس ولا هم يشعرون به.
الجنون أنواع وأشكال مختلفة، لكن أهمها وأخطرها هو جنون العظمة وحب الذات إلى الحد الذي يشعر صاحبه أن لا أحد في الكون يستحق الحياة غيره .
وهذا ربما ما أصاب حكامنا، فهم مجانين، لكن بطريقه تختلف تماماً عن المجانين الذين نراهم في كل حي وشارع، الحكام مجانين بحب السلطة والمال ومجنون الشارع فقد عقله لأنه لم يستطع أن يستوعب كيف يحيا في وطن واحد مع شخص خلق من طين مثله إلا أن الأول يملك كل شيء والثاني لا يملك شيئاً أبداً.
مجنون السلطة لا يستطيع أن يحيا بشكل عادي مثل بقية البشر، لأنه يعتبر نفسه خلق من طين معجون بالذهب، لذا فهو يرى نفسه عملاقاً، لا يمكن الوصول إلى مقامه العالي، وبقية الخلق ليسو سوى أقزام لا يستحقون الحياة ولذلك لا يوجع قلبه منظر إنسان مرمي على الأرض، ممزق إلى أشلاء ولا يثير اهتمامه خبر انتحار شخص، لأنه لم يجد مايسد به رمق أطفاله.
الحاكم يجن حين يشعر أن السلطة يمكن أن تفلت من بين يديه وهو من تعود أن يسير والكل من حوله خدم ينحنون أمام عظمته وجبروته، فكيف له أن يترك كرسي الملك ويعود ليعيش كشخص عادي.
والشخص العادي يجن حين لا يستطيع أن يستوعب كل مايدور من حوله من ظلم وفساد وحين يجد أنه فقد الحيلة والوسيلة في تسيير أمور حياته بشكل طبيعي في بلد كل ما فيها يسير بشكل غير طبيعي وبعكس اتجاه خط سير البشر. 
المجنون العادي إذا اشتد به الجنون يصرخ ويكلم نفسه وفي أسوأ الأحوال قد يرمي الناس بالحجارة وحين يهدأ تراه يتألم ويبكي.
أما مجنون السلطة فإذا اشتد به الجنون رمى الناس برصاص ومدافع وسفك الدماء بدم بارد وضمير ميت لا يعني له شيئاً أن ينهض طفل في منتصف الليل يصرخ بفزع وخوف من أصوات الانفجارات، فكيف له أن يتألم لموت طفل لم يقف على قدميه بعد.
مجانين السلطة يرمون بالقذائف إلى وسط الحارات دون مراعاة أن فيها بيوت يسكنها نساء وأطفال وشيوخ ومرضى لا يستطيعون حتى الفرار بجلودهم ساعة الخطر.
فأي المجانين أخطر؟ مجنون يقضي حياته في الشارع لا يطمع بشيء من مخلفات الدنيا ولا يكاد يشعر بوجوده فيها، أم من فقد عقله فقط لأنه شعر أن ملكه سيزول من بين يديه وأنه قد يصحو يوماً، فيجد نفسه في الشارع يمشي بدون حاشية وحراس وخدم، لذا قرر أن يفني كل شيء ليبقى هو حاكم ولو على كومه من تراب وكومه من حجارة تسكنهما أشلاء بشر؟؟؟.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد