أجواء ثورية ناهضة وناجحة تجوب الوطن العربي الكبير، ولكي تتعرف على ماضي الزعماء العرب وتواريخهم التي مروا بها قبل قيام شعوبهم بالثورات عليهم وإذا أردت أن تعمل مقارنة بينهم من خلال واقعك الذي عشته مع هذه الأنظمة أو من خلال النقد الذي سمعته من أفراد المجتمع بمختلف شرائحه أو باستقرائك للكتب التاريخية الناقدة أو الصحف العربية المعارضة، فإنك ستجد نفسك بين أمرين: الأول: تشابه الأنظمة العربية الدكتاتورية في تعاملها مع شعوبها وستجد نفسك أيضاً أمام منظومة استبدادية تخرجت من مدرسة واحدة، مكتوب على بابها (زعماء أبديون وللشعوب حاكمون وللسلطة مالكون وبالقوة باقون وللأولاد مورثون، فجيوشنا فوقكم قاهرون ولأموالكم ناهبون ولبيوتكم فوقكم هادمون ولما هو موجود في البلاد مدمرون ولشباب ثوراتكم قاتلون هذا، إذا خالفتمونا سواء رضيتم أم أنتم كارهون).. وهذا ما سمعته الشعوب العربية من أنظمتها الفاسدة كـ"بن علي ومبارك وصالح والقذافي والأسد" عند ردهم على الشعوب الثائرة.
الأمر الثاني: أن هذه الأنظمة وإن كانت تجمع بين صفة الاستبداد والطغيان والقمع والقتل والإبادة، إلا أنها تختلف من حيث الوضع الاقتصادي والتعليمي لشعوبها ومن حيث الدولة المؤسسية التي وجدت لدى البعض كمصر وتونس وغابت عند البعض الأخر، كاليمن وسوريا وليبيا، وإن كانتا الأخيرتان أفضل حالاً واقتصاداً من اليمن التي عاشت حياة الذل والمجاعة والفقر والظلم والاستبداد والطغيان والتنفذ والبؤس والشقاء والأمية في ظل حكم صالح منذ تاريخ توليه في عام 1978م وحتى تأريخ الثورة الشبابية السلمية المباركة في فبراير/2011م وأصبح ينطبق على اليمنيين قول الشهيد الزبيري :
ماذا دهى قحطان في آهاتهم
بؤس وفي كلماتهم آلام
فقر وأمراض وظلم فادح
ومذلة ومجاعة وإمام
وقد وصل اليمنيون أخيراً إلى قناعة كاملة أن حكم علي صالح ونظامه يعد أسوأ حكم وأفسد نظام عرفته اليمن عبر تأريخها الطويل منذ وطأ أراضيها جدهم الأول يعرب بن قحطان -أول من تكلم بالعربية- فلا شيء قدمه صالح لشعبه سوى الفتن والتخريب والقلاقل لاشيء يبني عنده ولا بدائل هذه هي شرعيته ومن رغب عنها كان جاهلاً والشعب اليمني لا ينكر لصالح براعته ومهارته وتفننه في إيجاد الفتن والقلاقل بين المدن والقبائل، فهو يحرض هذه القبيلة على تلك ويدعم الأخرى ضد الأولى وعمل على تخريب الطرقات الرئيسية المسفلتة التي تربط بين المدن الرئيسية صنعاء تعز الحديدة وغيرها من المنشآت التي لم توجد في عهده وإنما في عهد الشهيد/ إبراهيم محمد الحمدي، كما أمر بقطع الأشجار المختلفة التي غرست بعهد الحمدي كزينة للطرقات وظل للمارة ومصدر للأوكسجين وامتصاص ثاني أوكسيد الكربون الذي كثر وزاد في عهده وأمرض الأبدان وأزكم الأنوف، فماذا جنى اليمنيون منه سوى اغتيالات السياسيين والمفكرين من الخصوم والمعارضين ومن لم يقدر عليه جعله من المنفيين خارج البلاد والمطاردين، فمن قتل الشهيد الحمدي؟ والرئيس الغشمي؟ ومحمد خميس؟ ومحمد إسماعيل؟ وأحمد فرج وغيرهم، ومن افتعل الحروب بين الشمال والجنوب ومن أوجد القاعدة وافتعل الأزمات ومن أوجد الحروب مع الحوثين والحراك الجنوبي من الذي ضحى بالجيش يُقتل هنا و هناك بدون ذنب ومن الذي تسبب بترميل ا لنساء وتيتيم الأطفال والأسر ومن الذي واجه ثورة شعبه السلمية بالقتل والتنكيل والتعذيب والإبادة،من صانع أزمة الغاز والديزل والكهرباء والبترول والماء وقطع الطرقات، من الذي أمر عسكره العائلي وحرسه الخاص في أحد مؤتمراته السرية بتدمير كل جميل في اليمن؟.
من الذي دمر الحصبة وقتل الأبرياء فيها وروع الآمنين؟، من الذي أباد أرحب ونهم بالصواريخ والطائرات إبادة جماعية؟، من الذي صنع محرقة الحقد الأسود ( الهلوكست) في تعز الثورة والصمود؟ من الذي جيشه يقتل الثوار صباحاً ومساءً في كل المحافظات؟ أليس هذا هو علي صالح الذي دمر اليمن وأشعل الفتن في السر والعلن.
لقد كان الشعب يتوقع أنه قد اتعظ بما حدث للرؤساء التونسي والمصري والليبي وأنه ربما عقد التوبة مع ربه وإذا ظهر على التلفاز، فسيكون معتذراً للشعب وللأرامل والأطفال من جرائمه وحرسه العائلي ومن القتل والإبادة.
ثم يعلن أثناء ظهوره على التلفاز تنحيه عن السلطة وتخليه عنها، لكنه ظهر عدة مرات لابساً ثوب الكبر والغطرسة، مشككاً بالثورة والثوار، ومحذراً الدول الشقيقة والصديقة من دعم الثورة اليمنية، ومتمسكاً بصندوق الانتخابات المزورة، فعلى ماذا يراهن صالح إنه لم يعد حاكماً لليمن ولم يعد له دولة أو نظام ولن يرضى الشعب أن تكون اليمن له دار مقام إلا عودة للمحاكمة العادلة وتطبق عليه أحكام الإسلام.
anomanlawyer1@gmail.com
أحمد محمد نعمان
تاريخ حافل بالفتن والتخريب 2408