غادر الرئيس اليمني علي عبدالله صالح بلاده على طائرة إخلاء طبية وهو جريح مصاب على فراش الموت، وعاد إلى صنعاء سليماً معافى، لكن اليمن نفسه اليوم بات مصاباً، ودون أن يلقى إسعافاً كما لقي صالح نفسه، وبعض من رفاقه في السلطة، وهنا تكمن الأزمة الكبرى.
اليمن ليس مزاحاً، فهناك القبائل، بكل أنواعها وتفرعاتها ومشاكلها، وهناك الحوثيون ومن خلفهم إيران وأطراف أخرى مثل النظام الأسدي في سوريا، وهناك «القاعدة» وما أدراك ما «القاعدة»، التي اتضح – وبما لا يدع مجالاً للشك- أنها حليفة إيران في كل مكان، وفوق هذا وذاك فإن كل فرد في اليمن هو قطعة سلاح جاهزة، وهنا تكمن المشكلة، والرعب، فكل السيناريوهات في اليمن اليوم مخيفة.
فالجميع يدرك أن عودة الرئيس علي عبدالله صالح لليمن أمر غير مرحب به، ولو استقبله الملايين، فملايين من هو في السلطة آلاف على أرض الواقع، بل زيف نفوذ، والحقائق تقول إن اليمن على شفا حرب أهلية سيدفع ثمنها الجميع، في اليمن وخارجه، لذا فإن الوقت اليوم ليس وقت تلاؤم، بل وقت تكاتف وتعقل، وحزم، فيجب أن يقال لصالح إن وقت الرحيل قد حان، ويجب أن يقال ذلك من قبل السعودية، ودول الخليج، قبل الغرب، وفعلاً وليس قولاً.
صحيح أن السعوديين كانوا في مأزق أخلاقي لكون الرئيس اليمني كان يتلقى العلاج على أراضيهم، لكن بعودته يكون الوضع قد تغير، فلا مجال ولا وقت للمناورة، فانفجار الأوضاع الأمنية في اليمن لن يدفع ثمنه اليمنيون فقط، بل الجميع، ويخطئ من يعتقد غير ذلك، وخطورة تأزم الأوضاع في اليمن تكمن في أنه سيكون منصة انطلاق لزعزعة أمن دول الخليج، وأولهم السعودية، من قبل إيران التي تحظى بعملاء تحت الطلب هناك، مثل الحوثيين، و«القاعدة».. نعم «القاعدة»، وهو أمر أبدعت فيه إيران، لأن بيننا من هم سذج ويعتقدون أن ملالي طهران يقيمون وزناً للشق الأخلاقي أو السياسي، وخلافه.
وعليه، فلا بد من أن يقال لعلي عبدالله صالح إن وقت الرحيل قد حان، وإن اليمن أكبر من الأفراد، والنزعات السياسية، وحب السلطة، وإلا فإن الثمن سيكون غالياً على الجميع، وتحديداً السعودية، فسيكون الثمن فادحاً، فيمنٌ غير مستقر من شأنه أن يكون منصة استهداف، وابتزاز، للرياض في كل مجال، وكل نقطة تفاوض في المنطقة، فقد جرب السعوديون كيف تجرأ الإيرانيون على التحرك في البحرين بعد أن تمادوا في لبنان، وهذه هي الحقيقة، وإن انطلت الكذبة الديمقراطية في المنامة على شخص بحجم الرئيس باراك أوباما!.
وعليه، فلن تتوانى طهران عن استغلال أوضاع اليمن المتأزمة، والمرشحة للتأزم أكثر، سواء من خلال الحوثيين أو «القاعدة»، اللذين يمارسان كل الوسائل، استعداداً للانقضاض على اليمن وحدود السعودية الجنوبية، ولذا، فإن اليمن أخطر من أن يترك لصالح العائد، وغيره من طلاب السلطة، وعلى الخليجيين، وقبلهم السعوديون، التحرك لإنهاء قصة الصراع على السلطة في صنعاء، فالحذر كل الحذر من اليمن.
× نقلاً عن الشرق الأوسط
طارق الحميد
احذروا من اليمن!! 1959