دول العجز العربي تدين القتل في سوريا وتلتزم الصمت تجاه القتل في اليمن لأن الولايات المتحدة تريد ذلك، والصمت السعودي حول لقاء العاهل السعودي والرئيس اليمني يثير التساؤلات حول أهدافه.
في الوقت الذي كان فيه العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز يستقبل الرئيس اليمني علي عبد الله صالح في الرياض الاثنين الماضي، كانت قوات الرئيس ـ المتشبث بالسلطة لآخر رمق ـ ترتكب مجزرة جديدة في صنعاء بحق الشعب اليمني ـ الرافض لرئيسه ونظامه ـ راح ضحيتها 27 قتيلاً ومئات الجرحى.
لقاء الملك السعودي بالرئيس اليمني - وهو الأول منذ لجوء صالح إلى السعودية جريحاً على شفا الموت بعد محاولة تفجيره في صنعاء في يونيو/حزيران الماضي - تزامن مع وصول مبعوث الأمم المتحدة جمال بن عمر وأمين عام مجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني إلى العاصمة اليمنية.
التزامن الأول طرح الشكوك والاتهامات في اليمن، خصوصاً لدى الثوار وبعض قوى المعارضة بان السعودية تدعم الرئيس صالح وبقائه بالسلطة "بشرط إشراك قوى المعارضة اليمنية بالحكم "، وتحدث احد قادة شباب ثوار ساحة التغيير في صنعاء عن وصول مساعدات عسكرية سعودية لقوات الرئيس الأسبوع الماضي، ويذكر أن أنباء يمنية تحدثت الأسبوع الماضي عن دخول قطع بحرية عسكرية سعودية إلى ميناء عدن.
وهذه الاتهامات عن دعم السعودية للرئيس صالح يروج لها مروجو أكاذيب النظام اليمني، أمثال نائب وزير الإعلام عبده الجندي والسكرتير الصحفي للرئيس احمد الصوفي، لإبلاغ رسائل للمعارضة وللدول العربية بأن الرياض تدعم الرئيس ولا تريد تنحية عن السلطة وليست مع المعارضة وقواها.
التزامن الثاني للقاء العاهل السعودي والرئيس اليمني مع وصول مبعوث الأمم المتحدة والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي يثير التكهنات بان هناك حلاً قريباً "للازمة في اليمن" ,خصوصاً أن تلك التكهنات رافقها تصريح أميركي عن حل خلال أسبوع للازمة، وان هناك خارطة طريق مقترحة لتطبيق المبادرة الخليجية.
وهذه التوقعات التي اعتقد أنها متفائلة تثير التكهنات حول أن لقاء الملك عبد الله بن عبد العزيز بالرئيس علي صالح هو لقاء تقديم الشكر والعرفان من الأخير للأول قبل أن يغادر الرئيس عائداً لبلاده.
ولأنه ليس هناك أي معلومات سعودية عن لقاء خادم الحرمين الشريفين والرئيس اليمني فان التكهنات تكثر وكل طرف من أطراف الصراع في اليمن يفسر ما جرى على حسب هواه ومصالحه، ولكن لا شك أن استمرار الصمت السعودي ليس من مصلحة الرياض وهذا الصمت يثير الشكوك حول موقف المملكة ويزيد من اتهامها بأنها تعم الرئيس ونظامه الفاسد والذي يجمع اليمنيون على رحيله.
والرئيس المراوغ يستغل صمت الرياض، وعجز النظام العربي الرسمي عن اتخاذ موقف تجاه ما يجري في اليمن، ويستغل أيضاً قلق الولايات المتحدة من تنامي قوة تنظيم القاعدة إذا ما سقط النظام.. ليبقي أوراق الوضع بين يديه وليبقى يماطل ليستمر أطول مدة حاكما لبلاده "غير السعيدة "بحكمه.
والنظام العربي الرسمي، الذي يضغط على النظام السوري بسبب أعمال القتل التي يرتكبها ضد شعبه نجده يلتزم الصمت ويقف متفرجاً على المجازر التي يرتكبها نظام الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، والتي راح ضحيتها في ثلاثة أيام من هذا الأسبوع 76 قتيلاً ومئات الجرحى.
النظام العربي الرسمي ترك لمجلس التعاون الخليجي التعامل مع الأزمة في اليمن، ومجلس التعاون الخليجي يتعامل مع ثورة الشعب اليمني على أساس أنها أزمة سياسية بين النظام وقوى المعارضة السياسية والقبلية والعسكرية.
والمبادرة الخليجية ستبقى عاجزة، لان النظام العربي عاجز، ولأن الولايات المتحدة لا زالت ترى تأجيل الإطاحة بالرئيس علي صالح لأنها بحاجة للقدرات العسكرية لنظام الرئيس اليمني لكي يقضي على تنظيم القاعدة في اليمن، وهذا ما كشف عنه مساعد مدير منظمة العفو الدولية لمنطقة الشرق الأوسط فيليب لوثر الذي أبدى غضبه من المجازر الأخيرة التي ارتكبتها قوات النظام في صنعاء فصرح قائلاً "الأسرة الدولية لا يمكن أن تستمر في وضع القلق الأمني والخوف من ـ تنظيم ـ القاعدة على حساب اعتبارات حقوق الإنسان في اليمن".
المشكلة ليست في الولايات المتحدة، المشكلة هي بنظامنا العربي العاجز الذي لا يستطيع أن يتخذ موقفاً من أي مشكلة أو أزمة عربية إلا وفق الرؤية المفروضة عليه من الغرب والولايات المتحدة بالذات، فواشنطن طلبت من النظام العربي الضغط على النظام السوري لزيادة قلقه، فجاء بيان وزراء الخارجية العرب يدين القتل في سوريا ويدعو النظام السوري لوقف هذا القتل وإجراء حوارات وإصلاحات سياسية، في حين لم نر في بيان وزراء الخارجية العرب إي كلمة حول القتل الذي يقوم به نظام الرئيس اليمني ضد شعبه.
ميدل ايست أونلاين
سليمان نمر
لماذا يقف النظام العربي متفرجاً على جرائم النظام اليمني؟ 2143