يستحق الشباب اليمني الذي يقود ثورة التغيير منذ السادس من فبراير/شباط الماضي التهنئة، ليس على صلابته في مواقفه، أو إصراره على تحقيق أهدافه فحسب، إنما لأنه يسطّر كل يوم درساً في الوعي والصبر وعدم الانجرار إلى الاستفزاز حفاظاً على الدم اليمني.
وإذا كان شباب مصر وتونس قد ضربوا المثل في تحركهم السلمي، وعدم الانسياق إلى دائرة العنف والدم، وسجلوا انتصاراً نهائياً، ومازالوا يقفون حراساً على الأهداف التي انطلقوا من أجلها وصولاً إلى نهاية سعيدة، فإن شباب اليمن يواجهون عنف النظام بالصبر والإيمان، ويتصدون منذ ثمانية أشهر بصدور عارية لعنف أعمى وشهوة سلطة قاتلة، ويسقط منهم شهداء ولا يزيحون قيد أنملة عن خط ثورتهم السلمية، لئلا يعطوا الفرصة للنظام كي يجر البلاد والعباد إلى مهاوي الاقتتال والفتنة.
كان الأجدر بالنظام اليمني أن يعي أن قبضته الحديدية لا توفر له طول العمر، ولا تحميه من موجة التغيير التي تهب عاتية من كل صوب، من ساحة التغيير في صنعاء، ومن كل ساحات التغيير في الوطن العربي.
لا يمكن للحل الأمني أن ينجز حلاً سياسياً، هذا مستحيل، ويتناقض مع بديهيات العلاقة بين النظام والشعب، إنه يعمق الهوة ويوسع الشرخ ويصعّب أية إمكانية للحوار، لأن مساحة الدم تكون قد اتسعت وباتت عصية على التجاوز.
عندما يحل العمى السياسي، وتزوغ الأبصار عن رؤية الوقائع، وعندما تتحول شهوة السلطة والحكم إلى مبدأ، يصبح من الصعوبة، بل من المستحيل إقناع النظام، أي نظام، بأنه يمشي عكس التاريخ، وبأن كل طلقة رصاص تصيب صدر متظاهر، إنما تعمق جرح النظام وتقصر في عمره.
شباب اليمن يضرب أروع المثل في المناقبية والأخلاق والحس الوطني العالي بالحرص على يمنهم الذي يريدون ويتطلعون إليه، فيما النظام غارق في نزعة الانتقام.
× نقلاً عن الخليج الإماراتية
افتتاحية صحيفة الخليج
الشباب اليمني النموذج 1930