عاد اليمنيون الى «المبادرة الخليجية» التي تستند إلى هدف جوهري هو إخراج اليمن من الفوضى، هذه هي الجولة الثالثة للمبادرة، وإذا لم يجد اليمنيون وسيلة لحل وسط للسير بها، سيواجه البلد مستقبلاً يصعب تقدير خطورته، أحزاب المعارضة في تكتل «اللقاء المشترك» رفضت سابقاً أن تؤدي الحكومة برئاسة المعارضة اليمين الدستورية أمام الرئيس/ علي عبدالله صالح، الذي يطالب الشعب برحيله، وهي تريد أن تبدأ المبادرة باستقالته، ومن دون شروط، وهو شرط رفضه الرئيس في ذلك الوقت، رغم أن المبادرة نصت على أن «يقر مجلس النواب، بما فيه المعارضة، القوانين التي تمنح الحصانة ضد الملاحقة القانونية والقضائية للرئيس ومَن عملوا معه خلال فترة حكمه».
صحيح أن النظام يتحمّل المسؤولية الأكبر عن تعطيل المبادرة في السابق، اليوم اختلفت التقديرات، وواضح أن نظام الرئيس علي صالح بات مدركاً أهمية المبادرة الخليجية، وبعض المعارضة أصبح أكثر اقتناعاً بحل سياسي يجنّب البلد حرباً أهلية، أو تدخلاً أجنبياً، وإذا كانت المبادرة اتُّهِمت سابقاً بأنها تهدف إلى حماية الرئيس، على حساب مطالب الناس ومشاعرهم، فإن حماية الرئيس، إن صحت، يجب ألاّ تتحول إلى قضية في سبيل حماية البلد.
المعارضة اليمنية مطالبة اليوم بالتمسك بروحها السابقة، وبعدم التوقف أمام القضايا «البروتوكولية»، مثل هل يوقع علي عبدالله صالح كزعيم حزبي أم كرئيس، ولا بد من تجاوز القضايا القانونية التي تتعارض مع بعض مواد الدستور، والمتعلقة بالعفو، وقبول حل خارجي لأزمة داخلية، فهذه المبادرة هي خريطة طريق ليمن جديد، فضلاً عن أن المعارضة كانت أكثر مرونة من النظام في تعاملها مع المبادرة في السابق، وهي مدعوة اليوم إلى التمسك بالمرونة ذاتها.
لا شك في أن القطار الذي قال الرئيس علي صالح انه فات المعارضة، سيفوت الجميع، إذا لم تحضر كل الأطراف مراسم توقيع المبادرة، والحكمة تقتضي من المعارضة تجنّب استنساخ تجارب الآخرين، فمحاكمة الرئيس ينبغي ألاّ تكون هدفاً، فضلاً عن أن الزهد بالسياسة يعني اللجوء إلى القوة التي تحتاج أطرافاً أجنبية لتحقيقها.
الأكيد أن من حق المعارضة أخذ ضمانات بأن نظام علي صالح سيخرج في وقت محدد، لكن تحقيق هذا الشرط ضمن أطر دستورية سيكون في مصلحة اليمن.
دار الحياة اللندنية
داود الشريان
اليمن في الجولة الثالثة 2157