إذا أردت أن تعرف دعاة وحماة الفساد، فشاهد القنوات الرسمية في بلد ((الحكمة اليمانية )) وإذا أردت أن تستمع لخطابات الجهل والأمية، فشاهد نفس القنوات وإذا أردت أن تعرف إعلام التلفيق والتزوير والمغالطات فلا تغير تلك القنوات ..أما إذا أردت أن تشاهد صنفاً من البشر يتصفون بقلة الحياء وتغيب صفة الخجل عن وجوههم، فلا تحجب نظرك عن تلك القنوات وعلى رأسها فضائية اليمن..
 أما إذا أردت أن تعرف أشكال اللصوص المبهررين، فشاهد نفس القنوات فقد تصادف الكثير منهم أوتستمع لأصواتهم وعندها يكون يوم حظك لأنك تسمع أو ترى من استحوذ على ملايين الدولارات من حساب قوتك وقوت أبنائك وتطبيباتكم وتعليمهم وهو يقدم شروحات بألفاظ لا تفهم معناها ولا ما القصد منها ويحدد أرقاماً بخسائر الاقتصاد والدخل القومي والتضخم والتجارة والسياحة التي توقفت ويعزي السبب في ذلك لثورة الشباب المغرر بهم كما يقال. وكأنك قبل هذه الثورة كنت تعيش حياة الرفاهية وتنافس مواطني الدول الإسكندنافية دخلاً وخدمات ومستوى معيشة ..ولأنك برأيهم لم تكن تدرك تلك الحياة الرغيدة وتجهل عظمة النعمة التي أوجدوها لك وجعلوك تعيشها قبل ثورة المغرر بهم الذين يشاركونك الجهل والتخلف ولا يدركون مصلحتك ومصلحتهم ويركلون النعمة بأقدامهم، فإن الإعلام هنا يؤدي دوره في تربيتك وتنويرك وتثقيفك وإخراجك من جهلك حتى وإن استضاف أجهل الجهلة وأحمق الحمقى وأغبى الأغبياء والمغفلين الذين يشرحون لك حمقهم ويوضحون غباءهم ويفهموك أموراً لا تفهمها بدونهم .... ويمارسون عليك دور الوصاية العقلية، فأنت قاصر في نظرهم ولو بلغت الستين من العمر أو حزت أعلى الشهادات من أرقى جامعات العالم .. وهم لا يلامون لأنهم لا يعرفون معنى الشهادة، فهي من وجهة نظرهم ورقة كرتونية لا تختلف عن أي ورقة وبالإمكان الحصول عليها لو أرادوا بطرق مختلفة، فقد وصل بعضهم بأميته وجهله وغبائه مناصب عليا دون الاعتماد على مؤهل أو شهادة لأن شروط تبوأ المناصب في اليمن تختلف عن مثيلاتها في العالم كله .
الكلام يطول والكل يدرك ويعي ويفهم ويستوعب ما عدا الإعلام والقائمون عليه ومن يستضيفونهم الذين يعيشون حالة ووضعاً خاصاً وظرفاً لا يمكن أن يتغير وهم في ذلك مثل بقية أقرانهم في وسائل إعلام رسمية مشابهة وإن كانت نكهة التخلف والجهل والتجهيل والاستخفاف بعقول الناس في إعلامنا أكثر بروزاً ووقاحة وجرأة. وعودة ً إلى عنوان ما كتبت تابعت جزءاً من برنامج المشهد اليمني مستضيفاً على الهواء أحد من يطلقون عليه داعية إسلامي من إحدى المحافظات وهو يدلي بدلوه في البرنامج مكثراً من كلمات ماذا ...ثم ماذا....يعني ماذا ..؟ مطلقاً أوصاف وألفاظ و مصطلحات العصر العباسي وأيام ظهور الفرق وأصحاب الكلام ومعها لفظ الخوارج وكلها تصب أو تنعت الشباب والثوار والعلماء , لم تفاجئني كل الأوصاف والألفاظ بقدر ما تفاجأت من نهاية التحليل والتوصيف والإتهام والإدانة وربما التكفير المبطن والتضليل والتجهيل بالنتيجة والخلاصة التي وصل إليها الداعية الإسلامي كما يطلقون عليه , تلك النتيجة التي يفيد صاحبها ويقرر ويحكم بأن كل من ثاروا في الساحات هم أخطر وأكثر ضرراً من القاعدة وجماعة القاعدة من وجهة نظره مجموعة من المساكين والطيبين محاربين يحتاجون للرعاية والاهتمام والدعم وليس لهم من يدعمهم ويشجعهم فقاطعه ضيف الاستديو، أما المذيع فقد كان منسجماً مع الشرح لا أدري رضاءً بما يقول أو أنه هنا يثبت صدق المقولات التي يقول أصحابها أنه ليس في اليمن قاعدة وإنما هناك من ينفذ أجندة سياسات مرسومة وموجهة كما هو الحال في أبين ...
وأخيراً كشف لي الإعلام وبرنامج المشهد حقيقة كنت أجهلها ومفادها أن القاعدة تحتاج إلى الدعم والرعاية والتشجيع وإلى وقوف الدول بجانبها، فهي ليست خطراً على الوطن والشعب والجيش لأنها تزرع الورود وتشيد الجسور وتبني العمارات وتحفر القبور وفهمت حقيقة أخرى من الداعية الإسلامي أن الخطر القادم والكارثة والمصيبة آتية من الذين يرفعون شعارات التغيير بالسلم ومحاربة الفساد والمفسدين وأدركت كم أنا جاهل بالتاريخ والحقائق، فقطعت عهداً على نفسي ألا أفوت برنامج على هذه القنوات يزيدني نوراً وهدى وثقافة واطلاع ويصحح لي مفاهيم مغلطة بأساليب راقية وحجج مقنعة وعمائم على رؤوس أصحابها جعلتني أردد قول الله تعالى : (( مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا )) ومعذرة ً إلى "الحمار" الذي تحمل الكثير من التشبيهات التي ظلمته وأساءت إليه طوال التاريخ لأنه قد يفهم أحياناً أكثر من معمم أو مطلق ل1حية أو حالق شارب ومرتدي بنطلون ومخنوق بربطة عنق.