دائما نعاني و نشكو دون جدوى، خلونا نجرب العكس يمكن تصلح ولو على طريقة "قل لي ولو كذبا كلاما ناعما":
"أنا سعيد، وأنتما سعيدان، ونحن سعداء، وهم سعداء، وهن سعيدات، كلنا سعداء، واليمن سعيد، اليمن سعيد جدا، اليمن سعيد جداً جداً جداً.
كل شيء متوفر بالمجان، البترول سوبرمان، والديزل بأرخص الاثمان، والغاز في كل بيت خزان، ولا يوجد شيء اسمه البطالة، اليمن كلها أبطال.
الكهرباء نور على نور، من أمام كل مواطن لمبة ومن خلفه لمبة وعن يمينه لمبة وعن شماله لمبة ومن فوقه لمبة ومن تحته لمبة، لم نشتر شمع بتاتا، ولم نفكر في شراء ماطور إطلاقا.
الأسواق كلها مرنجة بأبيض ما فيش ولا سوق سوداء، والمواسير حبلى بالمياه، وماء المشروع مدرارا كالبقرة الحلوب.
لا يوجد أي مظاهر مسلحة، أينما سرت لا تجد أمامك سوى مظاهر حضارية، كل واحد ماشي ومعه حضارته، ومن بعد الظهر كل شخص كيسه مليان حضارة، كلنا نتحضر سوى، البعض يغسلون حضاراتهم قبل ان يتحضروا، والبعض الاخر يتعاطون حضاراتهم مسمومة.
الشوارع هادئة وكأن على ارصفتها عصافير، شوارعنا تخليك تفكر بعمق، وتعلمك الصبر، وسعة البال.
الجميع متسلحون بالحب والأمل، ناس ماشيين وعلى اكتافهم حب، وناس يحملون جعب الأمل، وآخرون يخبئون في حناياهم قنابل الشوق، والليل هادئ لا تسمع فيه سوى طليعات أقصد زقزقات العصافير، في كل دول العالم العصافير تزقزق في الصباح بس، أما في بلادنا فهي تداوم إضافي وتزقزق طول الليل.
الناس كلهم مريشين، الجيوب مليانة وكأنها فروع بنوك، وأصحاب البقالات يضربون أروع الأمثلة في الصبر، والقنوات التلفزيونية تتهادى الأغاني والورود، وزوجتك تغني لك كل صباح: هات لي قلبك وخذ قلبي معك، لا يوجد إطلاقا من تغني لزوجها:" هات ما في جيبك، وخذ قائمة الطلبات معك.....
الناس يتحاورون، كل واحد حر في حواره، وهو حوار عظيم بين المواطنين يبدأ من البيت أو الشارع أو فوق الباص وينتهي في قسم العظام في المستشفى وهذا سر عظمته فالعظمة مولودة في قسم العظام.
حوار قد تجده مربوط بالشاش، وقد ينتهي به الأمر في غرفة الإنعاش، وهكذا الحوار والا بلاش، والبلاش يجيب العمى والطراش، حوار يستحيل ان يتقنه حمار و حمار (لازم يكون حمار وحشي)".
أحمد غراب
يمن أكثر من سعيد 2076