ماذا نستطيع أن نعرفه تحت هذا العنوان خاصة ونحن نعيش كوارث تراكم الصمت والتواطؤ والتخاذل تجاه الفساد والاستبداد الذي ارتقى إلى ذروته العليا بالتشبث بالسلطة التنفيذية عبر استخدام الأسلحة الفتاكة لقتل أكبر عدد من الممانعين والمقاومين؟.
نحن نعرف أن أكثر مناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وقعت فريسة للاحتلال الأوروبي، حيث كرس هذا الاحتلال فيها أولاً التخلف بمعناه الشامل وثانياً بنى نخباً سياسية وعسكرية وثقافية أغلبها مربوطة به وذيلية لأجهزته الاستخباراتية، وحينما ظهرت حركة التحرر الوطني من الاحتلال ومن الأنظمة التابعة له عمل المحتلون بكل جهد ومثابرة لاختراق هذه الحركة والتسلل إلى قيادتها ومن ثم العمل من خلالها بعد رحيله من المنطقة.
وفي غالب تلك المنطقة استلم العسكريون السلطة التنفيذية وجلسوا على مقاعد أطلق عليها الدول، وهي ذات أنظمة جمهورية أو ملكية، وظلت هذه الأنظمة تحتفظ بسمة التخلف وتعيد إنتاجه متجلياً باستخدام إيرادات البترول والغاز والذهب والمعادن الأخرى لتكريس الثقافة الأدبية التي تنطوى على التلقين القسري والجملة الغيبية والذي أتاح لها بناء أجهزة قوة غاشمة تخدم الأسر أو الطغم الحاكمة وتقهر بها الشعوب.
والحكام الذين ظهروا عقب انتهاء مرحلة الاحتلال الأوروبي السافر بنوا سلطاتهم الشمولية الأبدية وأهانوا مجتمعاتهم وقهروا ناسهم ومارسوا القتل الفردي والجماعي بدم بارد وصادروا الحريات والحقوق واغتصبوا أملاك وأعرض البسطاء ودمروا بصورة متعمدة النخب السياسية والثقافية التي انطوت على مشاريع مفكرين ومثقفين وصحفيين على قدر كبير من الكفاءة والنزاهة، وباختصار تحول هؤلاء الحكام إلى مجرمين محترفين في كل المجالات المنظورة والمخفية اعتقاداً منهم بخلودهم على سدة السُلطَ التنفيذية المطلقة.
والشفافية العالمية التي رافقت العولمة وثورة تقنية المعلومات والاتصالات فضحت حكام هذه المنطقة بوصفهم مرتكبي كافة الجرائم وبالأخص جرائم نهب الأموال العامة والخاصة، حيث تقدر المصادر الاستخبارية الاقتصادية ثرواتهم بعشرات المليارات من الدولارات، إضافة إلى العقارات فقد أشارت بعض التقارير إلى أن رفعت الأسد الذي كان يقود الكتائب الأمنية يجلس على "6 مليار دولار" وفاروق الشرع "6 مليار" تقريباً بحسب إفادة نائب حافظ الأسد السابق عبدالحليم خدام وقياساً على ذلك فعلى كم يجلس أبناء حافظ الأسد من المليارات، والحديث عن القذافي يتداول الآن في الأوساط السياسية والمالية الليبية والعالمية أنه يمتلك في البنك المركزي الليبي حوالي "20" مليار دولار، إضافة إلى كمية كبيرة من سبائك الذهب، ناهيكم عن الأموال المودعة في بنوك دول كضمان لعدم التفريط بها، والعقارات والشركات في كثير من البلدان الأفريقية، إضافة إلى الاموال التي عبث بها للدعاية لنفسه وعظمتها، هذا القذافي فاق في بدانته الذاتية الملوك القدامى والمعاصرين، أما علي عبدالله صالح فقد جنى بحسب افتتاحيه "يمن تايمز " سنة 1999م وقبل اغتيال السقاف "حوالي "20" مليار دولار وقد تضاعف هذا الرقم الآن بعد دخول أفراد عائلته ميدان التجارة والأعمال غير القانونية، وجرائم الحرب والإبادة وجرائم ضد الإنسانية، فبتعليمات مباشرة من الفاشستي معمر القذافي تم قتل "30000" إنسان ليبي" خلال الفترة من 17 فبراير 2011م، وحتى 31 أغسطس 2011م وحصد هذا المجرم متوسط دخل يومي من القتلى الليبيين حوالي "152" إنساناً وعشرات الآلاف من المصابين وما تزال المقابر الجماعية والقتل الجماعي في الهناجر والحاويات قيد البحث والإحصاء، أي أن منسوب الكراهية والبغضاء عند القذافي ضد إنسانية الإنسان عالية جداً وخطرة جداً، علماً بأن كتائب القذافي قامت بتدمير البنى التحتية في بعض المدن وحاصرت الكثير من السكان في أنحاء ليبيا، أما متوسط الدخل اليومي للفاشستي الشمولي بشار حافظ الأسد فهي "17" قتيل قتلاً مباشرتاً وبتعليمات من المجرم خلال الأشهر الماضية ومتوسط الدخل اليومي من الذين ماتوا تحت التعذيب "2" قتلى وتوسط الدخل من المعتقلين "333" معتقلاً، إضافة إلى المخفيين قسراً، وشملت عملية القتل والإصابات والاعتقالات الإناث والذكور ومن كافة المهن الصغرى والمتوسطة والعليا.
وحينما يدور الحديث عن النظام في اليمن فإننا نتذكر سلسلة من الأحداث الإجرامية التي امتدت إلى كل المناطق اليمنية، فقد حصد أرواح المئات بل الالاف خاصة بعد فعاليات الحراك السياسي السلمي وعبث بأرواح الالاف من اليمنيين في خمس مواجهات عسكرية دمر فيها مئات من القرى تدميراً كاملاً وشرد حوالي "250" ألف نسمة واعتقل ومازال المئات من الشباب، أما متوسط الدخل اليومي من الشباب المنتفض، فهو قتيلان يومياً منذ فبراير وحتى أغسطس 2011م ومن المصابين 3 يومياً لنفس الفترة ومازال العدد مرشحاً للزيادة بسبب القصف الصاروخي والمدفعي في أرحب وتعز.
القاسم المشترك بين هؤلاء الفاشست الشموليين هو أنهم يرتكبون هذه الجرائم البشعة على خلفية ازدرائهم وكراهيتهم لإنسانية الإنسان، هذا الإنسان الذي لم يحرك ساكناً منذ أربعة عقود ونيف وهي عمر هؤلاء الموظفين الذين استغلوا وظائفهم العامة وحولوا مجتمعاتهم إلى قطعان من العبيد المستباحة أعراضهم وحياتهم.
عبدالرحيم محسن
حكام ولكنهم مجرمون!! 2167