منذ نضج المبادرة الخليجية، رأى بعض المحللين أنه كان يمكن إنهاء الأزمة اليمنية بموافقة المعارضة على توقيع اتفاقية المبادرة الخليجية في القصر الرئاسي، كما طلب الرئيس علي عبدالله صالح آنذاك، إلا أن إيمان أقطاب اللقاء المشترك بأن الرئيس لم يكن جادا في الخروج من السلطة آنذاك، وأن هذا الشرط الإضافي ليس إلا مناورة جديدة للبقاء، جعلهم يرفضون هذا الشرط، على اعتبار أنهم وقعوا على المبادرة، ومعهم ممثلو حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم وحلفاؤه، ولم يبق غير توقيع الرئيس.
المبادرة في صيغتها المعلنة حينئذ، كانت تقترح على الرئيس التخلي عن الحكم بعد 30 يوما، ثم تشكيل حكومة انتقالية مؤلفة من الحزب الحاكم، وأحزاب المعارضة، على أن تكون برئاسة إحدى شخصيات المعارضة، لتقوم الحكومة المشتركة ـ خلال الفترة الانتقالية ـ بإجراء تعديلات دستورية، والتحضير لانتخابات رئاسية، في مدة لا تتجاوز 3 أشهر، مما يعني أن أحزاب المعارضة ستكون مشاركة في الحكم خلال تلك الفترة، وهو ما جعل الرئيس يتخذ من مسألة الشراكة في الحكم، سببا بروتوكوليا في الإصرار على توقيع الاتفاقية في القصر الرئاسي.
وعلى الرغم من جميع المستجدات والصعوبات وأعمال العنف وتعقيدات المسألة، فإن المجلس الوزاري الخليجي، لم يفقد الأمل، وبقي مؤمنا بأن الحكمة اليمانية، قد تتأخر، لكنها لا تغيب، فاكتفى المجلس بالإعلان عن تعليق المبادرة الخليجية، "لعدم توافر الظروف الملائمة للموافقة عليها"، إلا أنه نص البيان لم يقطع الأمل في الوصول إلى حل، إذ جاء فيه: "ويتطلع المجلس الوزاري إلى توقيع فخامة الرئيس علي عبدالله صالح على الاتفاق في أسرع وقت لضمان تنفيذ الاتفاق، والانتقال السلمي للسلطة".
أمس، أعلن مصدر رسمي أن الرئيس اليمني علي عبدالله صالح قرر منح نائبه تفويضا لتوقيع المبادرة الخليجية و"الاتفاق على آلية مزمنة لتنفيذها بعد الحوار" مع الموقعين عليها"، ويتضمن ذلك "البدء بمتابعة التنفيذ برعاية إقليمية ودولية وبما يفضي إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، يتفق على موعدها وتضمن انتقالا سليما وديمقراطيا للسلطة".
قرار الرئيس اليمني، يتضمن الكثير من سمات الحكمة، سواء أكان ذلك في مبرراته المسندة إلى المصلحة الوطنية العليا، أم في آليته القائمة على تفويض نائب الرئيس، بما يحفظ كرامة الرئيس، ويبقي له تحفظاته الشخصية، وبما لا يتعارض مع الدستور الذي يخوله تفويض نائبه في بعض اختصاصاته.
الأمل كبير في أن يكون هذا القرار مخرجاً من الأزمة، وأن تكون "الحكمة اليمانية" الواضحة في هذا القرار، سببا في سعادة "البلاد السعيدة" وأهلها.
نقلاً عن الوطن السعودية
رأي الوطن
الحكمة اليمانية ........ 1874