طوال فترة طويلة كان أي مثقف مبتدئ علشان يثبت لأصحابه انه مثقف يقول أنا قرأت كتاب :كيف تكسب الاصدقاء ( ديل كارينيجي)؟! تسأله وإيش قرأت كمان من كتب؟ يقولك: قرأت "بصيرة البيت" من تأليف ابي، وقرأت كتاب" وضاع العمر يا ولدي " تأليف جدي المشارع العظيم الذي افنى حياته وهو يلاحق بين المحاكم، وقرأت ايضا كتاب "شرح الديون في تطفيش الزبون" لصاحب البقالة، وقرأت كتاب "المقوت كونان".
مع ان الكتب كانت وسيلة لتطفيش الاصدقاء وليس لجلبهم، وكانت أسرع الطرق للتعرف على صديق جديد انك تحاسب عليه او تضارب معه، او تتعسكروا سوى في معسكر واحد، او تغتربوا معا، او او ......
وكانت الصداقة " معمرة " لا يفرق بينهم الا الموت.
اما اليوم فأصبحنا في زمن الصداقة " السفري "، وبدلا من ان كنت تقول لصديقك انصرني فينصرك ظالما او مظلوم (ظالما بأن يردك عن ظلمك)، و"انقذني" فينقذك اصبحت صداقة هذه الايام:" أضفني " ، " أرسلي ايميلك "، " سوي لي رنة ".
زمان كان الصديق يعاتب صديقه قائلا: " يا عيباه .. هجموا علي الاعداء ولم اجدك".
اليوم يعاتبه :" ليش انا اسوي لايك في صفحتك وانت ما تسوي لايك في صفحتي؟! "اذا صاحبك بروفايل خلي منه لايك".
صاحب قاطع صاحبه ليش؟ قال لأنه خذلني وقت الشدة؟ ياساااتر!!! ايش سوى؟ قال:" الجبان تركني وحدي في البروفايل وهرب بروفايل ثاني والمعلقين استلموني بالتعليقات..".
اليوم الصاحب الجيد لا يتذكر صاحبه إلا يوم الجمعة عندما تصله رسالة:" تكلم ثلاثين دقيقة مجانا داخل الشبكة " يعني إذا صاحبه مش معه في الشبكة فاللي شبكنا يخلصنا.
وقديما قالوا الصديق قبل الطريق، اما اليوم فالصديق والطريق ضاعا معا.
وياسبحان الله بعد زمان الصدق الذي كنا نقلد فيه ما نشاهده في الفيلم الهندي من صداقة "شاكا" و"السلاسل" عندما كان كل واحد منهم يجرح يده ويتلاقوا بأيديهم محل النزف.
اصبحنا اليوم نلتقي رنة برنة، مع أن ما تجمعه الرنات قد تفرقه الكروت وان الصداقة في اليمن قبايل غير الصداقة في الشات والبروفايل.
قال حكيم يوناني "انتفعت بأعدائي أكثر مما انتفعت بأصدقائي لأن أعدائي كانوا يعيرونني بالخطأ وينبهونني عليه، اما أصدقائي فكانوا يزينون لي الخطأ وأحياناً يشجعوني عليه".
اصدق أنواع الصداقات الحب في الله وهو يعني الحب في الوطن، صديق يحب لك ما يحب لنفسه هو صديق يغلب المصلحة العامة على الخاصة هو صديق يدعي لك بظهر الغيب، وهذا النوع من الأصدقاء انقرض تقريبا من الكرة الأرضية وحل بدلا عنه أصدقاء النينجا، وأصدقاء الديجيتال واصحاب الرنة.
وصدق الشاعر الغرابي حين قال:" إذا كانت الرنة من فضة فاللايك من ذهب، والصديق وقت الضيق يسوي لك لايك وإلا يقولك الكهرباء مطفية".
أحمد غراب
ما يجمعه " اللايك " لا تفرقه " الرنة " 2232