يتصور بعض الناس وحتى من الثوار أنفسهم, أن الحسم الثوري لابد أن يكون بالضرورة خياراً عسكرياً, نظراً لعدم نجاعة الخيار السلمي إلى الآن, وهذا - في اعتقادي- تصور خاطئ ومجانب للحقيقة والصواب, ومجافي للعقل والواقع والحكمة اليمانية, ومتعارض مع النهج السلمي الذي اتخذته الثورة منهجاً لها منذ بداية انطلاقتها وحتى الحسم الثوري السلمي في النهاية, ذلك إن التمسك بالخيار السلمي للحسم الثوري, هو خيار مبدئي واستراتيجي للثورة, كونه يعطي الثورة زخماً شعبياً اكبر , وتأييداً إقليمياً ودولياً واسعاً – باستثناء المواقف الأميركية والسعودية - فضلاً عن حقن دماء اليمنيين , وتقليل فاتورة الحسم الثوري , وكونه يعطي للثورة إمكانية إعادة البناء لليمن الجديد , بأقل التكاليف وبأسرع الأوقات , وإما إذا استدرجت الثورة إلى مربع العنف , وتم إجبارها على اتخاذ الخيار العسكري سبيلاً للحسم الثوري , فإن الثوار لن يترددوا لحظة واحدة , وذلك من باب الدفاع عن النفس , وليس من باب الاقتناع بهذا الخيار , وسيكون الحسم سريعاً جداً , ولكن ستكون الخسائر فادحة , وبالذات الخسائر في الأرواح, ولنا في الثورة الليبية مثلاً , لذلك فإن الثورة تحاول جاهدة تجنب هذا الخيار الدموي ..
ولذا ينبغي على بقايا فلول النظام تقدير عواقب القيام بالأعمال العدوانية ضد الثورة والتي منها:
- استخدام الأساليب الاستفزازية ضد الثورة , والتي يراد منها اختبار صبر الثوار , ومدى قدرتهم على تحمل تلك الاستفزازات , والتي تصل إلى حد القتل المتعمد للثوار في المسيرات والاعتصامات السلمية , وحشد القوات والمعدات العسكرية باتجاه الساحات , وغلق منافذ المدن الرئيسية , وإرعاب وتخويف الناس بالقصف العشوائي على المدن والقرى وتدمير البنية التحتية لها , لان تلك الأعمال الاستفزازية لن تجدي نفعاً في ردع الثوار وصدهم عن هدفهم الذي خرجوا من أجله, بل ستزيد الثورة اشتعالاً والثوار تصميماً وإصراراً على المضي قدماً نحو تحقيق كافة أهداف الثورة ..
- ممارسة العقاب الجماعي للشعب اليمني من خلال حجب المشتقات النفطية – الديزل والبترول- وقطع الطرق والخدمات الكهربائية والهاتفية وغيرها –تزيدهم أملاً في تحقيق تأييداً شعبياً زائفاً , والتصوير للرأي العام بان المعارضة والثورة هما المتسببان في ذلك , بالتالي ضمان المعاداة الشعبية للمعارضة وللثورة بغرض إفشالها وإجهاضها ..
وأخيراً.. ليكن مطبوعاً في أذهان بقايا النظام البائد ومن أيدهم: إن الثورة منتصرة – إن شاء الله تعالى – شاء من شاء وأبى من أبى , فهي منصورة بذل ذليل أو بعز عزيز, وان إرهاصات الحسم الثوري السلمي تلوح في الأفق , فالمراهنة ستكون على الشعب في حسم الثورة , وإن إرادة الشعوب فوق إرادة الطغاة , فالطوفان الشعبي قادم وبقوة , وهو كفيل بتحقيق الحسم الثوري السلمي والقضاء المبرم على آخر فلول النظام الاستبدادي - العائلي في اليمن- ولن يكون الشعب اليمني استثناءاً عن الشعوب العربية المتحررة مؤخراً , بل إن الشعب اليمني هو أعظم الشعوب الثائرة حتى الآن , وذلك عطفاً على الزخم الشعبي الثوري في أكثر من (17) محافظة , والصبر على البقاء في الساحات أكثر من ستة شهور, والتمسك بسلمية الثورة , بالرغم من الاستفزازات العسكرية لبقايا النظام لحرف مسار الثورة السلمي , فالشعب اليمني العظيم الذي دحر الإمامة في الشمال والاحتلال في الجنوب , قادر- بإذن الله تعالى- أن يقضي على فلول النظام ويحقق النصر العظيم.
ناصر الصويل
الطوفان الشعبي والنصر العظيم 1840