;
د. محمد عبدالله الحاوري
د. محمد عبدالله الحاوري

القيادة المؤمنة .... 2184

2011-09-08 02:20:54


قال الله تعالى: {حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } (18) سورة النمل، فسليمان عليه السلام في عدله ورحمته لن يحطم نملة عن قصد، ولن يقتلها بإرادة العدوان عليها، بل ذلك لو كان فلن يكون إلا من غير شعور بذلك ولا إرادة له.
إن هذه القصة القرآنية العجيبة تلفت أنظار البشرية عبر الأجيال المتعاقبة إلى أهمية القيادة المؤمنة التي تتقي الله في الحياة والأحياء، ومخاطر القيادة المجرمة التي تهلك الحرث والنسل، وتدمر البلاد والعباد.
إن هذه اللفتة من النملة تظهر خطورة الفساد والمفسدين، وتتجلى واضحة للعيان المخاطر التي تتعرض لها حياة الناس وممتلكاتهم حين يتسلط على العباد البلاطجة من ذوي المراتب العليا، والرتب العليا والدنيا فيتم تخريب الحياة بصورة منتظمة، تسفك الدم، وتقتل النفس، وتدمر المزارع، وتهدم البيوت، وتروع الآمنين، وتقلق السكينة العامة، وتستخدم القوة المفرطة، والعقاب الجماعي ضد شعبها وناسها، وتيتم الأطفال، وترمل النساء، وتثكل الأمهات، وتفتت الأكباد على فلذات الأكباد، ومن لم تقتله بالرصاص الحي في الطريق العام، ترسل له الصاروخ القاتل إلى عقر داره ووسط منـزله، ومن سلم منه قصفت بئر الشرب حتى يميته العطش، وإذا أخطأت القذيفة قصف البئر، فقطع المشتقات النفطية كفيل بحرمان الناس منها، وحتى لو وجدت المشتقات النفطية، فستمنعك السلطة الظالمة من دخول المدينة للعلاج وطلب الرزق وتحقيق منافعك؛ لأنها أغلقت منافذها، إن هذه السلطة لا تملك إلا الموت، ولا تحترف غير القتل، ولا تعرف سوى الخراب، ولا تجيد شيئاً إلا إهلاك الحرث والنسل حتى المعاقين أحرقتهم، ومن لم تقتله بهذا كله فهو محاصر بالرعب، ومحاط بالخوف، وإلا فلماذا يسجن الصحفيون، ولماذا يختطف المصورون، ولماذا يحاول البلاطجة اغتيال الإعلاميين؟.
إن القيادة المؤمنة التي يحدثنا عنها القرآن الكريم توضح لنا بجلاء القيمة الحقيقية للحياة ومن عليها في منهجية القيادة المؤمنة، حيث تمتد يدها الرحيمة لتشمل الإنس والجن والطير والحشرات، إنها قيادة تقوم على المرحمة وليس على تحويل البلاد إلى سوق للحمة البشرية، يروج فيها القتل في كل مكان، ولأي إنسان، وبلا أية مبررات.
إن القيادة المؤمنة توصل الحياة إلى مرحلة من الخيرية لا تقع فيها الأذية إلا بصورة غير متعمدة وغير مقصودة، وخارجة عن الإرادة "وهم لا يشعرون"، كم بين هذا الأمر العظيم أمر صفاء الحياة من قصد الأذية حتى أن الأذى لنملة بريئة لا يكون إلا من غير شعور وإرادة، وبين تحريك الجيوش المدربة، وتحويل عناصرها إلى آلة للقتل، وأداة للدمار، وقواتها إلى محرقة تحرق الأخضر واليابس، ويتم كل ذلك من خلال تخطيط محكم، وتدبير مبيت، وترتيب دقيق، ولجان معدة، وإشراف مباشر، وإعداد مكثف، وأموال تنفق، فأموال الزكاة التي يقدمها الناس لتنفق في مصارفها الشرعية المحددة تشتري بها السلطة الظالمة أسلحة الدمار لقتل الناس، في بلاد العالم يفرح الأطفال بالعيد، وأطفال أرحب وأبين وتعز تهدي لهم السلطة الموت مجاناً، والرعب مجاناً، والفزع مجاناً، لا ليس مجاناً، بل هي أموال الزكاة، ومدخرات الخزينة العامة، وأموال الشعب انتقلت من تنمية اليمن إلى قتل أهلها، وانتقل معها الجيش العائلي من حماية اليمن إلى سفك دم مواطنيها، وتحول أرواح الناس إلى لعبة في يد مجموعة لا تراعي حرمة، ولا ترقب ذمة، ولا تخاف الله، ولا تخشى لقاءه.
إن القيادة المؤمنة في قصة النملة مع سليمان عليه السلام قد ربت جندها على عدم الأذية، وربت جيشها على عدم العدوان، وغرست أخلاقيات المهنة العسكرية، ووضعت شرف الانضواء تحت لواء السلك العسكري في عنوان عريض واحد الجندي الحقيقي لا يتعمد إيذاء غيره من الكائنات، حتى لو كان حشرة تدب على ظهر الأرض، فضلاً أن يكون مسلماً موحداً، هدم الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من قتل امرئ مسلم، في حين تخاطب إحداهن علي صالح في لقاء متلفز بثته قناة اليمن تحثه على قتل ثلاثة ملايين مواطن من اليمنيين، وتردف قولها بعبارة طز طز، فيجيبها الرجل الأول المسؤول عن حماية الناس حتى لا يقتلون في جمعة الكرامة، والمسؤول الأول عن كل قطرة دم تسيل في هذا البلد الحبيب، يجيبها بقوله: أنا معك مع صوتك، وهذا التأييد من علي صالح لقتل ثلاثة ملايين مواطن غير مأسوف عليهم، نشأت عنه ثقافة: يقطعهم إرباً أرباً، ويمزقهم تمزيقاً، ويبلغ الحال أن تقسم إحداهن أنها ستفعل أعظم مما فعلت هند بنت عتبة بحمزة بن عبد المطلب، مما يعني أن من في الساحات هم من يحمل راية الحمزة بمنطوق كلامها، وفحواه.
إن شعر الإنسان ليقف من الخوف من الله تعالى وتلك المرأة تطالب علي صالح وهو يوافقها بهدم الكعبة ثلاثة ملايين مرة، والآن أخي القارئ الكريم وبالذات الفئة الصامتة اسأل نفسك لو كنت عند الكعبة المشرفة ـ زادها الله تشريفاً وتعظيماً ـ وجاء رجل ومعه حرس خاص يريد هدم الكعبة حجراً حجراً، والتفت جماهير اليمن حول الكعبة تمنع العدوان على الكعبة، وتفتدي بأرواحها بيت الله الحرام حتى لا يهدمه ذلك الرجل بالحرس الذين معه، أين كنت ستقف؟ هل ستتفرج وقبلة صلاتك تهدم؟ وبيت الله يهد حجرا حجرا؟، أم أنك ستنضم إلى الجموع الحامية للكعبة من الدمار!.
إن حماية المؤمن حتى لا يقتل أولى، لأن قتله أعظم عند الله تعالى من هدم الكعبة، وهذه المرأة ومن أجابها ومن صفق على كلامها، يريدون قتل ثلاثة ملايين يمني غير مأسوف عليهم، طز فيهم، ثلاثة ملايين يمني يقتلون ليبقى شخص واحد في السلطة، ثلاثة ملايين إنسان يعني هدم الكعبة ثلاثة ملايين مرة.
إن الأمر يبلغ مداه في القيادة المؤمنة حين تعترف لله بالفضل، وتسأله أن يعينها على الشكر، وأن يمدها بالعون على العبودية الحقيقية، والعمل الصالح، قال الله تعالى عن سليمان عليه السلام بعد أن سمع كلام النملة التي تمتدح تربيته لجنده: {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} (19) سورة النمل
 إن القيادة المؤمنة تولي اهتمامها الكامل بالرحمة، وتعطي عنايتها الكافية للتربية عليها، حتى تصبح الرحمة سلوكاً في الجيوش وسجية طبيعية في الجنود، وتذهب القساوة والغلظة من بين أفرادها، وتتحول الحياة إلى ميدان فسيح لرفع الأذى عن العباد والبلاد، وليس لسياسة التحدي بالتحدي، ولست أدري أي تحدي أهو تحدي الأطفال بقتل الآباء، أم أمهات الشهداء وآبائهم بسفك دماء أبنائهم، أم تحدي النساء بقتل الأزواج، أم المواطنين العزل بضرب قراهم بالطائرات؟.
إن المهمة الأساسية اليوم لإقرار العدل مكان الظلم، والعدالة مكان الجور والعدوان يتلخص في ثلاث نقاط أساسية: الأولى: الصبر والثبات في الميادين والساحات، والثانية: في الجموع الغفيرة في المسيرات والمظاهرات، والثالثة: في الحشود المليونية في الجمع، فالجمعة صانعة الثورات.
بقي القول: دورك أنت سيدي القارئ الكريم أن تشارك بنفسك وجهدك بالحضور الفاعل، والدعوة لمن تعرف بالمشاركة الفاعلة، وأن تخصص جزءاً من مالك ولو يسير للتبرعات، فالدرهم إلى الدرهم مال، والمليون ما هو إلا ألف رجل تبرع كل منهم بألف ريال أو ألفا رجل تبرع كل منهم بخمسمائة ريال، أو أربعة آلاف رجل تبرع كل منهم بمائتين وخمسين ريالاً، هيا كن جزءاً من حملة المليون في الجمعة القادمة المليون رجل بالحضور والدعوة للحضور والمشاركة، والمليون ريال بتخصيص جزء من الريالات لصناعة المليون، هيا فأنت لها أيها الحبيب، اليمن تنتظر دورك، أنت من يصنع الله بك النصر حين تجعل نفسك أداة للخير، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد