صحيح أن العيد هو العيد وأن الفرحة هي الفرحة التي تتوزع بين أبناء شعوب أمتنا بين الفرح الكامل والفرح المنقوص والفرح المتفائل المشوب بالحذر والقلق والفرح الممتزج بالرعب ولعلعة الرصاص وهو ما يجعل الجميع يردد..عيد بأية حال عدت يا عيد ؟.
وعلى كلٍ فالعيد مختلف لأنه جاء مليئاً بنكهة التحولات الكبرى والثورات التي زلزلت عروش مستبدي الشعوب ومستعبديها... جاء العيد هذا العام ليعلن بداية تأسيس لأعياد مستقبلية تشهدها الشعوب بعيدة عن سلبيات الروتين الذي لا يتعدى أكل الكعك والحلويات وتبادل التهاني بقلوب يملؤها الانكسار والإحباط.. نتفاءل رغم كل العقبات التي ما زالت تقف في وجه المواطن والتحديات التي يناضل لتجاوزها وسيتجاوزها طالما امتلأ عزيمة وإصراراً، وهو ما عليه حال المواطن العربي الذي وصل في علاقته مع أنظمة تأبى إلا الرجوع عنه مهما كلفت فاتورته...
جاء هذا العيد في عام مليء بالصور والمشاهد ما كان يتوقع أن يراها الإنسان ولا في أحلامه... تساقطت أصنام الشعوب الناطقة والتي لم تسقط في طريقها إلى السقوط تحت إصرار وصمود الشعوب التي ترفض أن تداس أجساد مواطنيها بأحذية الأزلام وتضرب رؤوسهم أو تركل وجوههم كما تبديها صور جنود البعث السوري وعبدة النظام بمواطنيهم...
جاء العيد والأمة تعيد بناء مجدها بالتخلص من رموز المذلة والانكسار وتضعهم في أماكن ومواقع يستحقونها بما كسبت أيديهم وبما ارتكبوه في حق شعوبهم..توزعت صور الفرعون الذي أدركه الغرق.. بين فرعون يسجنه شعبه ينتظر مصيره على يد العدالة, وفرعون في صحراء الدهناء تطارده اللعنات وتطالب به جماهير شعبه لتأخذ ثأرها منه, وفرعون يمارس دور ووظائف الجرذان بعد أن وصف أبناء شعبه بالجرذان وينطبق عليه قول القائل: رمتني بدائها وانسلت..فاراً بين الزرائب والخرائب والأنفاق والمجاري يمرغ أنفه بأوحال المذلة والقذارة بعد أن كان لا ينظر إلى الأرض بطراً وكبرياءً, وفرعون يراوغ لعله ينجو من الطوفان ويتخذ من سياسة ابن نوح العاصي طريقاً له فيتشبث بجبل أو حبل أو عذر يسميه الممانعة والمقاومة ولا يدرك أنه لا عاصم من أمر الله ثم من ثورة الشعب، وفرعون يردد مقولة لا يملك سواها أو يجيد غيرها الأمن والاستقرار وإلصاق تهم الفساد بالعباد وبقى عليه أن يعلن ((ما علمت لكم من إله غيري )).
عيدٌ بأية حال عدت يا عيدِ إنه عيد بدايات العودة بالأمة إلى مجدها الغابر والتليد تتجلى فيه أنصع الكرامة المستعادة بأيدي شباب الثورات الذين يرفضون الاستكانة ويأبون الاستسلام ويركلون المذلة, ويعيدون رسم لوحة تليق بالأمة ويظهرون صور روعة الإشراق يمسحون غباراً أنثره عليها زعماء اللصوصية ونهبة المال العام ومورثي السلطات للأبناء والأقارب والأصهار، ظهرت أولى تباشير الصور بمجرد أن تساقطت الأصنام الناطقة وتوارت مرمية في مزابل التاريخ، كم كانت رائعة صورة الشعب المصري وهو يهدر حول سفارة الكيان الصهيوني رافضاً الاعتذار عن قتل الجنود المصريين وهو ما كان مستحيل أن يحصل في عهد الزعيم ((المقاتل )) ولا يمكن أن يعتذر هذا الكيان حتى لو قتل نصف الجيش المصري.. أما ما كان أروع منها، فهي صورة أحد أبطال الثورة يتسلق مبنى تقع فيه السفارة يتكون اثنين وعشرين طابقاً فينزل العلم الإسرائيلي ويرفع مكانه العلم المصري, هذه هي صورة المواطن والشاب العربي الذي يذبح في سوريا وليبيا واليمن وهو يردد لن نخضع ولن نركع إلا لله ولن نعود أو ننام حتى تطهر شعوبنا من فساد الفاسدين وعبث العابثين وقتلة الشعوب وسراق الأموال ولصوص وناهبي الثروات, وعيد سعيد وكل عام والأمة بألف خير وفاسديها ومفسديها بألف شر ومذلة وخزي وعار. وإلى عيد يأتينا وقد تخلصت أمتنا من مذليها ومورثيها العار والشنار وعيد بأية حال عدت ياعيدِ.
علي الربيعي
العيد المختلف والجديد 1823