اليوم ركبت فوق باص فلم أجد مكان سوى في الكرسي الأخير، وهناك تفاجأت بدبة غاز تحتل مكان اثنين ركاب وممدود منها قصبة بلاستيكية إلى موتور الباص.
قلت في نفسي مفزوعا: " صاحب الباص هذا أكيد مجنون؟ مركب دبة غاز فوق الكرسي وكأنه خبز طاوة متنقل أو يمكن متخيل أن باصه ديسكفري تابع لوكالة ناسا فركب دبة غاز علشان يكون باصاً نفاثاً كلما فتح الدبة الغاز تدفعه للأمام".
قلت حسبي الله ونعم الوكيل نواصل طريقنا، شوية وإذا بالسائق يوقف الركاب ويقولهم أدخلوا ديوان الشيخ ( يقصد الكرسي الأخير)، فأمسكت في شعري وشديته وهتفت فيه: أنت أكيد مصاب بأنفلونزا الحمير، أين ع تسوق الركاب معك دبة غاز في الكرسي الأخير.
ـ قال بلا مبالاة: الوساع في القلوب بز الدبة الغاز وحطها في حضنك.
ـ أنت مجنون والا بعقلك والله إن بك شوية من معمر القذافي ، لو يجي واحد يصدمك وقرحت الدبة الغاز سيتحول الباص مع الركاب إلى "سندويتش شاورما ".
إيش رأيك أزيد اربط الحزام عليا أنا والدبة الغاز.. أنت مودينا شميلة هاري والا رايحين تورا بورا".
ـ ايوه كلامك صح سوق القات بوره.
عرفت على طول أن القلم مرفوع عنه، فقلت باقي خطوتين باصبر على مجنون الذر وأمره الى الله.. حضنت الدبة الغاز وأنا اتلفت يمين وشمال وكلما شفت قاطرة خلف الباص وهو مسرع أقول يارب ياساتر، لطفك ياخفي الالطاف.
وكان فيه نساء راكبات وسط الباص كل شوية والتفتن نحو الدبة الغاز خايفات تنفجر، خصوصاً وأن أحد الركاب الذين جلسوا بجانبي طلع وفي فمه حبة سيجارة " وارحبي يا جنازة فوق الأموات، كنا في مجنون الذر اصبحنا في مجنون قرية النمل".
قلنا له: بليز، اكسكيوز مي، لطفا، عذرا، الله يرحم والديك، رحمة بالمعذبين والمستضعفين فوق الباص طفي السيجارة يا أخي".
قال:" أنا حرمت وطلقت ما أطفيها "
قلنا له:" أن تطلق مرتك أهون عند الله من أن الباص يهتز شوية فتطير السيجارة من يدك الى الدبة الغاز التي في حضني فأتحول الى تمثال في حوش المرور للسيارات المحروقة".
قال بنفس عقلية السواق: ما يقع شئ ربك يستر.
تأكدت أنه أيضاً من المرفوع عنهم القلم.
فجأة فحط صاحب الباص وهتف نحوي: " لو سمحت يا عزي افتح الدبة الغاز ؟!
عندها ولعت وضربت كوعي بالصدفة طرف الكرسي فهتفت فيه بجنون : " وربي لابزها وادربها من الطاقة ".
فهتفت النساء اللواتي في الباص بفزع: " بلاش يا أخي أنت العاقل الوحيد فوق الباص".
وواحدة ضابحة من السواق تقول " اصبر لما ننزل وارميها ".
قررت أن أنزل من فوق الباص واللي يحصل يحصل، رغم أن المسافة لازالت بعيدة: " معك نازل يا سواق"، فنزلت النساء ايضا حينها هتفت في الرجل الماسك بالسيجارة " إمسك بالدبة الغاز جعل لك قاطرة زي اتوبيس يحي فاخر حق عادل أمام، تجي تمسح بك أنت والسواق ماحد يعرف لكم أثر".
ghurab77@gmail.com
أحمد غراب
مجنون الذر 2703