كل سنة تجد من يقول ليبيا صامت على صح ووفت الشهر إحنا أكلنا منه يوم، هذه المرة ليبيا صامت معنا وفطرت معنا على اعتبار أن السبع المدهش معمر أصبح في خبر كان بعد أن كان كل شيء في ليبيا، كان المفتى والخطيب والمخترع والأديب وسوبرمان وباتمان وغرانديزر وكان أيضاً جمعة رجب وهلال رمضان وهلال العيد.
هذه المرة أيضاً صرت تفكر ألف مرة قبل أن تقول لصديقك عيد مبارك لأن مبارك أصبح من الأسماء الممنوعة من الصرف " اللهم لا شماتة".
هذا العيد عيد الطماش، فهي السلعة الأكثر توفراً في الأسواق اليمنية بعد أن أصبحت القوارح اللغة الرسمية للبلاد وعادت ظاهرة ضرب الرصاص في الهواء إلى البروز في الأعراس وأصبحت التحية :"يا حيا من شمه بارود".
والعجيب أن مستوردي هذه السلع لا يهمهم سوى تحقيق الأرباح الهائلة، متناسين الآثار المدمرة للطليعات النارية التالفة والإزعاج الذي تتسبب به القوارح للناس، وخصوصاً كبار السن والمرضى في المنازل وقد تتعجب عندما تجد طفلاً صغيراً مثل عقلة الإصبع يهتف لصاحب البقالة: "هات لي أربع قنابل أبو أربعين ريال "، قنبلة صوتية بأربعين ريال تهز حارة بأكملها بصوتها "يا حراجاه يا رواجاه"، وطفلاً ثاني يقوله :" هات خمسة صواريخ من أبو عشرين"، يا بلاشاه عشنا وشفنا الصاروخ بعشرين.
تمشي في الحارة لا رائحة تعلو فوق رائحة الطماش، والأطفال كل واحد ماسك كبريت للثاني ويولع له، في ذات عيد كنت ماشياً وأنا أرفل بالثوب الجديد وفجأة رمى أحد الأطفال شدة طماش إلى تحتي وأنا ماشي، فتحول الثوب من أسفله إلى خرقة ممزقة يحيط بها السواد من كل ناحية.
اليوم عيد، حتى هذه الساعة لم أحلق رأسي، صوالين الحلاقة كلها مزدحمة، لم أذهب للخياط لإحضار الثوب المتوقع أنه سيقول لي إن الوقت لم يسعفه لكوي الثوب علشان كذا سألبسه معطف أو تضعه تحت الفراش زي الشهادة المعطفة.
يجب أيضاً أن أذهب للمغسلة لإحضار الشال "غسل وكوي وتنظيف"، "غسل وكوي وتنظيف"..
حتى اللحظة ما زال هناك الكثير من النواقص، يعني مثلاً لازم تشتري ما لا يقل عن دجاجتين، لأن أصحاب محلات الدجاج سيقفلون وجعالة العيد ما زالت ناقصة قرطاس شكليت "أبوبقرة" والأهم من ذلك لازم تصرف وتدور لك في جيبك أبو مائة وأبو مائتين وخمسين علشان أي طفل يسلم عليك تدي له مائة، أما لو كل طفلاً سلم عليك أعطيته أبو ألف أو خمسمائة، فلا شك أنك بنك مركزي يمشي على قدمين.
عيدكم سعيد وكل عام وأنتم بألف خير وعافية.. ويا محبي النبي صلوا عليه.
أحمد غراب
يا عيدوووه ....... 2412