جاء رمضان هذا العام وقد أثقلت كاهل المواطن الكثير من الهموم، كان أكبرها وأهمها الوضع السياسي للبلد الذي أثار الكثير من المشاكل والهموم ..بسبب الصراعات التي نشبت بين القوى السياسية.. وعلى إثر ذلك بدأت تظهر أزمة اقتصادية جارفة.
كبرت يوماً بعد يوم حتى أصبحت أحد أفراد العائلة في كل بيت وأصبحت تتقاسم معهم لقمة العيش نصفين إن لم تكن الغلبة لها ..!!كان رب الأسرة يعود يوماً وهو يحمل في يده ما يشبع به أسرته ويسد رمقهم وأيام يعود وهي خالية لعدم توفر فرص عمل في تلك الأيام.
الجميع حرص على شراء ما يلزم رمضان من مواد غذائية واستهلاكية، خاصةً وأن لهذا الشهر الفضيل طقوس معينة بالنسبة للأكلات وقد تعودها الناس ويأتي مقدار ذلك كلاً على حسب وضعه المادي ..فكان نصيب السواد الأعظم من أبناء الشعب من حاولوا شراء بعض من تلك المواد
تلبية لرغبات زوجاتهم وكذلك لإدخال البهجة والسرور على نفوس أسرهم وأيضاً الدخول إلى الأجواء الرمضانية ورغم أنه لم يتسن لهم التلذذ بتلك المأكولات لأكثر من أسبوع إلا أن لسان حال رب الأسرة يقول
الحمد لله على العافية .. با تفرج إن شاء الله ..!!
وهاهي الأيام مرت وأقبل العيد حاملاً معه التزامات وهموماً جديدة المشتقات النفطية غالية.. المواصلات غالية.. المواد الغذائية غالية ..المكسرات غالية.. وكذلك الملابس غالية ..كله "نار في نار ."
وذلك كله لا يبرر تجاوز كسوة العيد عند الأولاد بحجة الغلاء الفاحش ..!لأن البعض يعتبر كسوة العيد من باب المباهات والأفضلية والبعض الآخر يشعر أنها أمر إجباري ولا بد منها، لكن الأمر له خصوصيته عند الغالبية، فالملابس الجديدة لا يحصل عليها الأولاد إلا مرة واحدة في السنة أو مرتين على أكثر تقدير وذلك يحصل في العيدين "الفطر والأضحى".
فلهذا لا يجد الأب أي ذريعة أمامه للهروب من تحقيق تلك الأمنية لأبنائه، يجيب فلوس من السماء من الأرض من [الجن] المهم نعرف كسوة العيد ..!ويمضي رب الأسرة الكادح رحلة البحث عن كسوة العيد وتكبد عناء إرضاء أذواق أولاده المختلفة وآمالهم العريضة التي تأتي نتاج تفكير استمر لعدة أشهر في كيفية موضتها وأشكالها .
وما أن ينتهي من كسوة العيد حتى يأتي دور المسكرات والزبيب و"الشكليت" وهات لك هات شدة بظهر القبيلي ولا نخلي بجيبه ريال ولازم يستعين بكل الأماكن التي خبأ بها بعض الفلوس لنائبات الزمن ..!! هذا إذا لم يستعين بصديق عشان يستلف منه مبلغ عشان يوفي بتلك الالتزامات ..لكن للسان حاله تقول أهم شيء العافية.. با تفرج بإذن الله ..
ثم يأتي يوم العيد ويستبشر الرجل خيراً بأنه انتهى من كل الالتزامات التي عليه وما أن يعود من مصلى العيد حتى يكتشف أن هناك من ينتظره ليسلم عليه .. إنهن أرحامه ينتظرن قدومه بفارغ الصبر، فقد مر عليه شهور عديدة إن لم يكن آخر عيد هو آخر لقائه بهن، فعوز المعيشة حال دون زيارات الأهل بعضهم لبعض.. المهم صاحبنا أصبح مفلس والعوادة [ العيدية] أمر لابد منه في كثير من المناطق في اليمن، يحتار في أمره، فإما أن يرسل أحد أبناءه ليقوم بذلك عوضاً عنه تحاشياً للإحراج منهن أو يذهب هو ويده فارغة وجيبه قد سلم الأمر لربه وبدل ما يقول كل عام وأنتم بخير، يقول لهن "العيد عيد العافية"... كل عام والجميع بخير.
عرفات أحمد
العيد عيد العافية!! 1837