السلطة الانتقالية هي عبارة عن الإدارة السياسية والإدارية والتشريعية المؤقتة لسلطات الدولة تقوم عقب نجاح انقلاب عسكري أو انتفاضة أو ثورة مسلحة في أي دولة من الدول المستعمرة أو الدول ذات الطغيان الفاشي والشمولية، وقد تتشكل هذه الإدارة من جبهة شعبية أو حزب سياسي أو ثلة من العسكريين الانقلابيين كما جرى في الجنوب اليمني أو شمال السودان أو جنوب السودان وفي أزمنة مختلفة.
والأزمة السياسية في اليمن في حالتها الثورية أنجبت حركة احتجاجية فعالة وواسعة النطاق بدأ لهبها في الجنوب ممتدا إلى كل الجغرافية اليمنية وهي افتقرت إلى تفعيل آلياتها وحضائنها وشعاراتها السياسية المعبرة عن أبعادها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
والسلطة الانتقالية ذات الطابع المؤقت هي إحلال قوة بشرية على الأجسام المعروفة للدولة، السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية تكون مناقضة ومناهضة للقوة البشرية المهزومة وتقوم بكافة الوظائف المؤقتة المؤدية إلى تثبيت نظام سياسي بمضمون جديد وفي العصر الراهن حيث متطلبات العولمة تقضي بأحداث تغيير عالمي للأنظمة السياسية ذو الهويات الدكتاتورية ليتلائم مع عولمة الحياة الإنسانية على النطاق العالمي وبحيث تنساب السلع الامبريالية إلى الأسواق المستهلكة بكل سلاسة، والسياق الذي أمامنا هو بالضرورة منتج داخلي 100% ولكنه مدعموم دولي بكافة الوسائل السياسية والإعلامية والعسكرية كما هو في ليبيا وسوريا واليمن.
ومن المهم عدم عزم السلطة الانتقالية عن المصالح الملموسة للمكونات الاجتماعية الداخلية وعن المصالح الإقليمية والدولية وأن المستوى السياسي الذي ينبغي أن يتجلى هو السلوك السياسي الشفاف بحيث ألا يهيمن البرنامج الشمولي والإقصائي والاستبعادي على المشهد المتنوع.
وأن التجربة أو المشهد الذي نعيش يقدم لنا صورة ارتيابية تجاه المكونات التي برزت إلى السطح كبديل للنظام الذي يشارف على الرحيل، فهناك انفراد عبر عقلية منتشية ومستعلية على قوى بشرية واسعة غير منظمة وهو ما استغلته القوى الأكثر تنظيماً وقوة عسكرية وقبلية لتقدم نفسها كتنظيم وحيد هو صاحب الشرعية والمرجعية أمام المكون السياسي للسلطة، سواء عبر المفاوضات بواسطة مجلس التعاون الخليجي، المبادرة ـ أو الحوار المباشرة وغير المباشرة مع بعض قيادة المؤتمر الشعبي العام أو عبر العمل الميداني الشبابي والشعبي، إضافة إلى العمل العسكري المتاح، وبهذا الصدد لم ندرك وظيفة المجلس الانتقالي الذي شكله "مجلس شباب الثورة الشعبية بصنعاء" ووظيفة المجلس الوطني لقوى الثورة" وهذان شكلهما جزئياً حزب الإصلاح وكلياً اللقاء المشترك، هل هما أداة سياسية للانتفاضة أم سلطة تنفيذية بحيث تقفل الأبواب أمام القوى السياسية الأخرى الموجودة في الساحات وفي المدينة والريف.
"اللقاء المشترك" شكل بصورة تلصيقية "المجلس الوطني" مقصياً قوى شبابية فاعلة في الساحات وقوى سياسية واجتماعية لها حضورها في متن ا لعمل السياسي والثقافي، مدعياً أنه حاضنا لقوى الثورة وليس هذا فحسب، بل أنه هو من سوف يرسم تكتيكات واستراتيجات المستقبل، أي أنه من سيستلم السلطة فوراً أو سيكون شريكاً في السلطة وفقاً لمبادرة مجلس التعاون الخليجي بصيغتها الخامسة والمدعومة أمريكياً وأوروبياً، إذاً فهذا المجلس نصب نفسه، كأداة قيادية وحيدة، و بنفس الوقت، سلطة سياسية عما قريب، وعلى الرغم من قبول الساحات بالمجلس الانتقالي ومطالبته بالحسم، فإن المجلس الوطني قام بنفيه بركلة جزاء وتلقي القدر نفسه من التأييد الذي منح للمجلس الانتقالي الهوائي، والسلطة الانتقالية على غرار التجربة التونسية والمصرية هي عبارة عن ملهاة لا تمت إلى وظيفة السلطة الانتقالية الجذرية بصلة، فهي عبارة عن استبدال شكلي مع بعض التوابل غير المحرقة.
والجلي الآن في اليمن أن المسار لمصلحة انتقال سلطة إلى السلطة السابقة مع استبعاد علي عبدالله صالح وبعض من مقربيه مع بقاء الصلاحيات المطلقة بيد القائم بالأعمال المدعوم بحسب التصريحات من اللقاء المشترك والمجلس الوطني، أما السلطة الانتقالية بمفهومها السياسي والإداري الجذري فستكون ضحية الصفقة والكوتا والتي سيشرف على تنفيذها السفير الأميركي وسفراء الدول المؤثرة، أما الشعارات الرنانة فستكون في مهب الرياح.
وتأسيساً على ملامح ما بعد الضغوطات وتشكيل المجلس الوطني الذي هو نسخة ثالثة من اللقاء المشترك واللجنة الوطنية للحوار، فإن هدف الانتفاضة التي هي أعلى مراحل الأزمة السياسية في حالتها الثورية سيكون في محل استفسار الضحايا الذين قضوا برصاص القناصة والصواريخ وقذائف الدبابات والمدفعية.. محل استفسار الذين تأثروا بنقص شديد في إمدادات المشتقات البترولية والكهرباء والمياه. محل استفسار الذين فقدوا مصادر أرزاقهم ونزلت على رؤوس أسرهم كالصواعق القاتلة ولذلك ندعو المقصيين إلى تشكيل أداتهم المعارضة الحركة الشعبية لتحرير اليمن"
عبدالرحيم محسن
في السلطة الانتقالية 2037