كنا نقول زمان للمرء ثلث ما نطق حتى جاء القذافي واثبت بالدليل القاطع أن للمرء مثلما نطق ومثلما زنق أيضاً.
قال " زنقة " فانتهى به الحال إلى زنقة، وقال شبر شبر، فشبروا ليبيا شبراً شبراً حتى وصلوا إلى طرابلس ، وشبروا طرابلس حتى وصلوا إلى باب العزيزية، ثم شبروا باب العزيزية ، ولم يعد سوى أن يأخذوا المتر ويشبروه.
هنا لا ينفع الكتاب الأخضر ولا السحر الأسود ولا الكوفية المخططة ولا حجرة بجرة، هنا لا تنفع الخطابات، ولا التهديدات، هنا لا تنفع عبارة: "افتحوا المخازن وسلحوا الشعب"، لأن الشعب لم يعد يكره شيئاً كراهيته للدماء والسلاح وسفك الدماء.
من أراد أن يذكره الناس فلينسي نفسه وليفكر بهم، هنا في هذه اللحظات الحرجة تجد ما قدمته للناس ، هنا لا معنى للعظمة والبرستيج وللألقاب، هنا لا عقيد ولا عصيد ولا ملك الملوك ولا مزيد من الفتوحات سوى فتح باب العزيزية، هنا لا ينفعك وزير ولا أمير ولا برلمان ولا مؤتمرات ولا لجان ولا إنس ولا جان.
لم تعد معشوق الجماهير، فالجماهير التي كنت تهتف فيها صارت تمزق صورك.
صرت غريباً كغرابة الأزياء التي كنت ترتديها.
هنا لا ينفعك كرسي ولا سنوسي ولا فكر بوليسي ولا سلاح روسي.
هنا لا ينفع مرتزقة ، ولا بشمرغة ولا أفارقة ، ولا “بامبارا” و”باسا”، و”زولو” و”هاوسا”.
هنا لا كتاب ولا كتائب ، ولا أصدقاء ولا حبايب ، ولا خطب ولا غرائب ، ولا طائرات ولا مصائب.
هنا لن تجد من تحازي، ولن تقدح في بنغازي ، ولن تجد شيئاً سوى استقبال التعازي.
هنا العزة لله وحده ربي ، لن تجد من الضحايا من تدفع لهم كما دفعت لضحايا "لوكربي".
هنا لن تصمت دهراً ولن تنطق كفراً، ولن تركب التوكي ولا الباص ولن تطلق على رعيتك الرصاص ولن تنادي بالقصاص.
هنا لم تتوعد الجرذان لأنك لم تعد "توم"، بل أصبحت "جيري"، وكل ما حولك يغني علم سيري علم سيري ألا بسم الله الرحمن.
هنا لن تجد القوافي ، ولا المشافي ، وستعود إلى كوكب الأرض بعد أن كنت كائناً خرافياً.
حسبنا الله ونعم الوكيل ، لا قوة إلا قوته سبحانه وتعالى.
إن كان الله معك فمن تخاف؟! وإن كان عليك فمن ترجو؟!
" لمن الملك اليوم ؟! لله الواحد القاهر".
الحق أبلج والباطل لجلج ، والخطأ زاد العجول ، ومن يتسبب بمعاناة الناس ويعكر أمنهم ويسفك دماءهم بغير حق ، فهو بلا شك أخسر من حمالة الحطب وأخيب من القابض على الماء وأخبط من حاطب ليل .
وللمرء مثلما نطق ومن زنق ازتنق ولو بعد حين، فاحذروا الزنقات يا عباد الله، ويا محبي النبي صلوا عليه واعملوا بما جاء به.
أحمد غراب
للمرء مثلما نطق!! 2516