;
أحمد غراب
أحمد غراب

أتريد عصيداً أم عصيداً تريد؟! 2297

2011-08-17 04:02:39


أتحدى أن هناك شعباً في العالم عاش الذي نعيشه، أو صبر أسبوعاً واحداً من الشهور التي صبرنا عليها، فنحن نتأقلم على كل شيء، على السموم وعلى الظلام وعلى الجوع وعلى العطش...إلخ.
لذلك لم استغرب أن الحرب لمّا قرحت في الحصبة وأمطرت سماؤها رصاصاً وصواريخ وطلقات مدافع بشكل عشوائي، نزح الكثير من الأهالي بملابسهم دون أن يأخذوا شيئاً معهم من منازلهم، أحد السكان أول ما سمع الطلقات العشوائية تمطر باتجاه منزله، هرب ولم يفكر بأن يأخذ معه شيئاً باستثناء "قصبة المداعة"، فهو مولعي مداعة من الدرجة الأولى، ما جعلني أرجح أن الحالة المزرية التي يعيشها اليمنيون لا علاقة بالصبر، وإنما بالتخديرة، يعني صعب أي واحد يستحمل أنه يجلس "23" ساعة في الظلام، وهو مش مخزن عيقرح له الفيوز أو يطق له عرق أو يرتفع له الضغط وتصيبه جلطة، أما عندنا فالواحد يخزن ويتحول إلى خط طويل ومستعد يجلس "23" ساعة في الظلام.
بالعكس القات يطعمين في الظلام والهاجس يكون متشذي وتقدر تركز وأنت بتعمر القصور وتبني المشاريع، والإرادة تساوي البحشامة.
في هذا البلد، تجد الواحد مستعد يقطع جبال وأودية على شان يجيب ربطة القات، لكن عندما تدي له إنذار طلب ولي الأمر إلى المدرسة لأن ابنه يشاغب أو متغيب، مش مستعد يروح حتى لو كانت المدرسة وراء بيته، المقوت هو الشخص الوحيد الذي نلتزم معه بالمواعيد بالدقيقة والثانية، مبرمجين أنفسنا بدقة الساعة السويسرية على طريق أسواق القات، لكي نحصّل القات نعمل بالأسباب، ونبحث ونلح ونتفانى ونبكر وتكون النتيجة أننا نخزن، وهذا الحصر لا نجده في أي شيء آخر في حياتنا، سواءً كان علماً أو حياة أو حتى مصيراً، الإرادة توجد الوسيلة والفرصة، وبالفصحى اليمنية: "الإرادة توجد الربطة القات"، فأين الإرادة التي توجد لنا اليمن السعيد؟، ينبغي أن نعيش هذه الإرادة كواقع لكي نخلق منها الوسيلة والفرصة لاستعادة سعادة بلادنا المفقودة، وكان من حكمة الله -سبحانه وتعالى- أنه جعل كل شيء محصل للأسباب التي ندعوها كالحساب والعقاب "فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره * ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره" ومكافحة الظلم والفساد بأسباب "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله...." والتيسير والتعسير أيضاً بأسباب "فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى * وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى".
وجعل النجاح والفشل بأسباب "وقد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها"، تعالوا شوفوا الإرادة بالمعنى اليمني الساري في واقعنا "أنا أخزن، إذن أنا موجود"، الأب يشتي ولده يطلع مهندس وطيار ودكتور وبروفيسور، وهو مش مهتم بتعليمه أو بتأهيله أو يرفع معنوياته أو يتابعه دراسياً أو حتى يسأله: سرت المدرسة أو لا؟ ولما يطلع الولد مقوت، يقول الأب: يا ربي ليش كل عيالي مقاوتة ما جاء واحد فيهم مهندس أو طيار أو دكتور؟ لأنك في الأمنية تمنيت ابنك دكتوراً أو مهندساً أو طياراً، وفي الواقع زرعت مقوتاً وحصدت مقوتاً، والحياة بالأسباب وليست بالأمنيات، وبالقياس إننا نريد يمناً سعيداً وكلنا نريد يمناً بلا فساد، وكلنا نريد يمناً خال من الجهل والعصبية والسلاح، كل ذلك نردده بألسنتنا ونحلم به ونتمناه كأمنيات، لكن المحصلة تأتي بالأسباب التي نبذلها في الواقع، فالواقع صورة من أسبابنا وأعمالنا وبصمات أيادينا وحقيقة قلوبنا التي تبدو معصودة عصيد، ولذلك حصلنا على اليمن العصيد، لا السعيد، والأمنية لا تمثل شيئاً سوى خيالنا الذي يتمدد بالقات وينكمش بالواقع وكما قال الشاعر "جرادة في اليد ولا إرادة فوق الشجرة".
 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد