قلما تلفظ أقلامنا الإنسان روحاً لا شخصاً وعطاء قبلما يكون هبة، فالإنسان مازال كائناً لم تُسبر أغواره الدفينة بعد، فما أبهانا بإنسان نبحث عنه بأوراق الزمن العابث لنتحدث عنه عن إنسانيته، عن حقوقه المشروعة، عن آلامه وأوجاعه، فنفتح لنا ثغرة ضوء نحو إنسانيتنا المفقودة ونمنح له بسمة مُثقلة بالأمل في واقع مكبّد بالأوجاع والخضوع للـ"أنا"..
سيكون حديثي كعنواننا (إنسان) وسيبدأ رحلته في هذا العالم الصغير من أول نقطة حبر هنا حتى نصل إلى ما نبحث عنه وأول محطة هي (إنقاذ) ظننتها يوماً عابرة، ولكنها اخترقت حاجز التبلد في عالم أحسسته يوماً بأنه قرية جليد، يسكنه بشر عقيمو التفكير، عديمو الإنسانية، لا يكادون يسمعون صوتاً للحق ولا للألم..
(إنقاذ)، كلمة بخمسة أحرف، ولكنها حياة لمن كادت حياتهم أن تُفقد ووطن لمن إنسانيتهم سبقت أيادٍ تُوعد.. بدأ الحلم بفكرة أطرافها نساء شامخات وأسماء لطالما مررنا عليها دون لحظة انتظار وشباب طامحون وأيدٍ سخية لتبني جسراً من الأمل نحو وطننا (الإنسان) وليجسد واقعاً ملموساً وقبل ذا وذاك إنسان يحمل من الإنسانية ما يروي ظمأ امتد منذ عصور..
الإنسانية هنا غُرست بفكرة ولاحت بعظمة من حملوها على عاتقهم وتكللت بما جادت بها أيادٍ سخية فبتنا قاب قوسين أو أدنى من اليمني (الإنسان)..
صنعاء – تعز – أبين ومدن أخرى نزفت الكثير من الآلام بعد معارك طاحنة شهدتها مناطق مُحددة كالحصبة والستين وجعار في أشهر مضت، فتوسعت هوة الوجع وتعددت لغات الاغتراب بالوطن فشاهدنا منازل تُهدّم وأسراً تشرد وجفوناً لا تنام إلا على أصوات وأجساد تلتحف البأس جوعاً وبرداً وخوفاً فسقت الإنسانية أول غرسها لتتجلى في نفوس رجال شرفاء ونساء عظيمات بروح الإنسانية والوطنية فوجدتهم جميعاً يخططون ويؤسسون أعظم حركة إنسانية على مستوى الإنسان روحاً وفكراً أسموها (مجموعة إنقاذ لإغاثة النازحين والمنكوبين ) فبدأت كأسطر الكترونية على إحدى صفحات الفيس بوك، ثم تُرجمت إلى قول وفعل وإنجاز تقودها امرأتان لهما جل احترامي فقلباهما كافيان كدروع حماية ضد عبث أدوات الظلم بإنسانيتنا إحداهما أستاذة قديرة منحتها يوماً – سراً- لقب امرأة من نور، فأينما تحط خطواتها تنبثق سلاسل النور, حملت على عاتقها جمع التبرعات والفحص الشامل لكل الأسر المتضررة والنازحة سواء في أبين أو صنعاء التي تسكنها ولتترك مسؤوليات خلفها بحكم أنها ربة بيت وأم لأطفال وزوجة لتمد بجناح الرحمة لكل من طالتهم هذه المساعدات.. بلا شك الجميع يعرفها فما تقدمه يمنحها شرفاً آخر أن تكون أروع إنسانة بكل ما تحتويها هذه الكلمة..
أما الأخرى فهي صديقة غالية جمعتني بها الصدفة يوماً، فعرفتها إنسانة قبلما وجدتها شاعرة وسمعت منها ما يثلج الصدر، فباتت أحب إليّ من نفسي حينما أهدتني باكورة أعمالها (جمال الروح) وهي لا تعلم أنها به غسلت جوانحي من لُمامات التفكير بكيفية تحويري إلى كائن ملائكي روحاً..
هي الأخرى حملت مسؤولية جسيمة في تعز الحالمة، فسألت وأحصت ونادت وسُمعت، فجادت ومن فكرها ووقتها وروحها وحروفها ما يطغى على أوجاع الحالمة التي تعشقها حد الثمالة..
وجدتها ترافق أشعة الشمس البِكر مع فريقها لتطوف الحارات بحثاً عن (آه)، فتستبدلها مُزن رحمة وحمداً للنعمة, أوصلت للجميع فكرة أن النجم رغم ارتفاعه إلا أن ضوءه ينعكس على الأرض، فيزيدها آية وهذا ما تجسد من مرافقة نجم الخليج/ فؤاد عبدالواحد للمجموعة لأيام، فشارك الفريق تعبه وعمله الإنساني بابتسامة ترسمها أحباري هنا خطوات أمل في أبناء اليمن الشرفاء..
أما عن الفريق الدءوب الذي يعمل في صنعاء وأبين وتعز، فبلا شك بأنه يستحق انحناءة إجلال وتقدير واحترام، فلمثل هؤلاء نكتب ونفتخر ونشعر بأننا فعلاً إنسان..
الكلام لا ينصب عن شعور بحجم أحاسيس كل من طالتهم أيدٍ سخية عبر ملائكة الرحمة ولكني أكتفي بشكر كل من انغمست إنسانيته بوطنيته الشريفة لتسجد لنا وطن "قوس قزحي" أبناؤه وبناته متعاضدون في النوائب, فجزى الله كل هؤلاء خيراً وألبسهم حُللاً من نور تطفئ ظلام الظلم في غيابت الجب..
شكراً إنقاذ، فنحن نرانا بمرآة إنسانيتكم..
التوقيع / طامحة لأن تكون يوماً ما بحجم إنسانيتكم.
أحلام المقالح
إنسان (1) شكراً إنقاذ 2404