"كل أزهار الغد متواجدة في بذور اليوم وكل نتائج الغد متواجدة في أفكار اليوم"، كلمات قالها الفيلسوف "أرسطو" ليعلمنا كيف نرسم ملامح المستقبل بأفكار الحاضر.. بعيداً عن الكلام الفلسفي واستناداً إلى الواقع أقول بأن مقدار ما نحمله من الأفكار والثقافات هو المعيار الذي من خلاله نستطيع أن نعرف كيف سيكون مستقبلنا؟!، فالله عز وجل كرّم الإنسان عن سائر المخلوقات بالعقل الذي يعتبر أساساً لهذا التكريم، لذلك يجب أن نكون بمقدار هذا التكريم وذلك لن يكون إلا عندما نغذي عقولنا بالثقافات المختلفة، حيث نجعل منه مصنعاً للأفكار حتى ننتج قرارات عقلية، نبني من خلالها أُسُس المستقبل، لأن العقل عندما يكون فارغاً وجامداً لا يحوي أي ثقافة، فمعناه أنه لا فرق بينه وبين سائر المخلوقات، لأن جوهر التمييز هو العقل، فالببغاء مثلاً كائن حي ناطق، ولكن نطقه مجرد ألفاظ يرددها بعد الآخرين دون أن يعي أو يستوعب معناها، فما أردت أن أوضحه أن الإنسان يجب أن يكون عقله ممتلئ بالأفكار والثقافات المختلفة، ليستطيع النطق بقرارات عقلية نابعة من أفكاره ولا يكتفي بأن يكون مردداً لما يقوله الآخرون وهذه الثقافات لا يكتسبها الإنسان إلا بالقراءة والاطلاع، فهي من أهم وسائل اكتساب العلم والمعرفة وتعتبر مصدراً للقرارات العقلية التي تزرع بداخلنا إرادة تغيير الحاضر، لنحصد ثماره مستقبلاً، ثمار التقدم والرقي والإبداع والابتكار، فالقراءة هي العلاج الأمثل لتخلفنا لأنه إذا قارنا أنفسنا بالغرب نجد بأنه لا مجال للمقارنة، فهم بالعلم والمعرفة استطاعوا أن يصلوا إلى الحضارة التي أسسها العرب الأوائل ونحن عجزنا عن الحفاظ على هذه الأسس وعن مواصلة ما بدأوا به وذلك نتيجة انشغالنا بالثقافات الهابطة التي لا فائدة مرجوة منها، وإنما تهدم ما هو موجود أو ما تبقى لنا من قيم أو مبادئ.
لذلك ظل وجودنا دائماً في الصفوف الأخيرة هذا إن وجدنا، لأن في أغلب المجالات التي يكون فيها الإبداع والاختراع نحن غائبون، فقد جعلنا من عقولنا إناء فارغاً ننتظر أن يملأه لنا الآخرون ببعض الأفكار أو بالقليل من المعلومات ونكتفي ولا نسعى للبحث عن المعرفة، وطبعاً النتيجة وبلا شك واقعنا الذي لا يحتاج إلى شرح، بالرغم من كل ما قلته لن أقتل الأمل، ولكنني سأقول بأن نظرة التفاؤل نضعها في جيل الشباب الذي يجب أن يصبح جيلاً مثقفاً، قادراً على اتخاذ قرارات عقلية إيجابية، التي من خلالها يضع أساساً لمستقبل زاهر بالتقدم والابتكار ويبتعد عن الثقافات الهابطة التي ترمي بنا إلى زاوية التخلف والانحطاط وذلك لن يكون إلا بوجود إرادة جادة وصادقة من الشباب بتغيير الحاضر وسيتم ذلك ابتداء من استثمار الوقت بما هو مفيد والسعي إلى اكتساب المعرفة وتنميتها في مختلف مجالاتها، فالتغيير يحتاج إلى فكر ممتلئ بالأفكار والثقافات التي تكون ثمرة وحصيلة القراءة والاطلاع ..
كما يقال ختامه مسك، أختتم بقول المولى عز وجل "لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".
*بقايا حبر:
- أجندتي الحمراء تعلمت منها ما معنى أن تكون إرادتي أقوى من عواصف الإحباط التي استطاعت أن تجرف كل شي إلا تلك البصمة التي نقشتها على جدار الحلم، لتكون شاهدة على أن وجودي في الحياة كان له معني.
- أعتذر لقرائي الأعزاء فنتيجة انشغالي هذه الأيام لم أتمكن من الكتابة، فهذه من إرشيف مقالاتي وقد سبق نشرها في إحدى الصحف.
نعائم شائف عون الخليدي
وقفة مع العقل!! 2002