;
د. محمد عبدالله الحاوري
د. محمد عبدالله الحاوري

شرف الإنفاق في سبيل الله في رمضان 3238

2011-08-10 03:19:28


أنقل هنا ما قاله الإمام ابن رجب في لطائف المعارف في المواسم العام من الوظائف: في تضاعف جوده في شهر رمضان بخصوصه فوائد كثيرة:
منها: شرف الزمان، ومضاعفة أجر العمل فيه، وفي الترمذي عن أنس مرفوعاً: أفضل الصدقة صدقة رمضان.
ومنها إعانة الصائمين والقائمين والذاكرين على طاعتهم فيستوجب المعين لهم مثل أجرهم، كما أن من جهز غازياً فقد غزا ومن خلفه في أهله فقط غزا وفي حديث زيد بن خالد عن النبي قال: "من فطر صائماً فله مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شيء" أخرجه الإمام أحمد والنسائي والترمذي وابن ماجه وأخرجه الطبراني من حديث عائشة وزاد: "وما عمل الصائم من أعمال البر إلا كان لصاحب الطعام ما دام قوة الطعام فيه" وخرج ابن خزيمة في صحيحه من حديث سلمان مرفوعاً حديثاً في فضل شهر رمضان وفيه: وهو شهر المواساة وشهر يزاد فيه في رزق المؤمن من فطر فيه صائماً كان مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء قالوا: يا رسول الله ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم؟ قال: يعطي الله هذا الثواب لمن فطر صائماً على مذقة لبن أو تمرة أو شربة ماء ومن أشبع فيه صائماً سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ بعدها حتى يدخل الجنة.
ومنها: أن شهر رمضان شهر يجود الله فيه على عباده بالرحمة والمغفرة والعتق من النار، لاسيما في ليلة القدر والله تعالى يرحم من عباده الرحماء، كما قال": إنما يرحم الله من عباده الرحماء فمن جاد على عباد الله جاد الله عليه بالعطاء والفضل والجزاء من جنس العمل".
ومنها: أن الجمع بين الصيام والصدقة من موجبات الجنة، كما في حديث علي عن النبي قال: "إن في الجنة غرفاً يرى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها قالوا: لمن هي يا رسول الله؟ قال: لمن طيب الكلام وأطعم الطعام وأدام الصيام وصلى بالليل والناس نيام" وهذه الخصال كلها تكون في رمضان، فيجتمع فيه للمؤمن الصيام والقيام والصدقة وطيب الكلام، فإنه ينهى فيه الصائم عن اللغو والرفث.

والصيام والصلاة والصدقة توصل صاحبها إلى الله عز وجل قال بعض السلف: الصلاة توصل صاحبها إلى نصف الطريق والصيام يوصله إلى باب الملك والصدقة تأخذ بيده، فتدخله على الملك.. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي أنه قال: "من أصبح منكم اليوم صائماً؟ قال أبوبكر: أنا، قال: من تبع منكم اليوم جنازة؟ قال أبوبكر: أنا، قال: من تصدق بصدقة؟ قال أبوبكر: أنا، قال: فمن عاد منكم مريضاً؟ قال أبوبكر: أنا، قال: ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة".
ومنها: أن الجمع بين الصيام والصدقة أبلغ في تفكير الخطايا واتقاء جهنم والمباعدة عنها، وخصوصاً إن ضم إلى ذلك قيام الليل فقد ثبت عن رسول الله أنه قال: "الصيام جنة" وفي رواية: "جنة أحدكم من النار كجنته من القتال" وفي حديث معاذ عن النبي قال: "الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار" وقيام الرجل من جوف الليل يعني أنه يطفئ الخطيئة أيضاً وقد صرح بذلك في رواية الإمام أحمد.. وفي الحديث الصحيح عنه أنه قال: "اتقوا النار ولو بشق تمرة" وكان أبو الدرداء يقول: صلوا في ظلمة الليل ركعتين لظلمة القبور صوموا يوماً شديداً حره لحر يوم النشور تصدقوا بصدقة لشر يوم عسير.
ومنها: أن الصيام لا بد أن يقع فيه خلل أو نقص وتكفير الصيام للذنوب مشروط بالتحفظ مما نبغي التحفظ منه كما ورد ذلك في حديث أخرجه ابن حبان في صحيحه، وعامة صيام الناس لا يجتمع في صومه التحفظ كما ينبغي ولهذا نهى أن يقول الرجل: صمت رمضان كله أو قمته كله، فالصدقة تجبر ما فيه من النقص والخلل ولهذا وجب في آخر شهر رمضان زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث والصيام والصدقة لهما مدخل في كفارات الإيمان ومحظورات الإحرام وكفارة الوطء في رمضان ولهذا كان الله تعالى قد خير المسلمين في ابتداء الأمر بين الصيام وإطعام المسكين ثم نسخ ذلك وبقي الإطعام لمن يعجز عن الصيام لكبره ومن أخر قضاء رمضان حتى أدركه رمضان آخر فإنه يقضيه ويضم إليه إطعام مسكين لكل يوم تقوية له عند أكثر العلماء، كما أفتى به الصحابة وكذلك من أفطر لأجل غيره كالحامل والمرضع على قول طائفة من العلماء.
ومنها: أن الصائم يدع طعامه وشرابه لله فإذا أعان الصائمين على التقوي على طعامهم وشرابهم كان بمنزلة من ترك شهوة لله وآثر بها أو واسى منها ولهذا يشرع له تفطير الصوام معه إذا أفطر، لأن الطعام يكون محبوباً له حينئذ، فيواسي منه حتى يكون من أطعم الطعام على حبه ويكون في ذلك شكر لله على نعمة إباحة الطعام والشراب له ورده عليه بعد منعه إياه، فإن هذه النعمة إنما عرف قدرها عند المنع منها.
 وسئل بعض السلف: لم شرع الصيام؟ قال: ليذوق الغني طعم الجوع، فلا ينسى الجائع وهذا من بعض حكم الصوم وفوائده وقد ذكرنا فيما تقدم حديث سلمان وفيه: وهو شهر المواساة فمن لم يقدر فيه على درجة الإيثار على نفسه، فلا يعجز عن درجة أهل المواساة.
 كان كثير من السلف يواسون من إفطارهم أو يؤثرون به ويطوون، كان ابن عمر يصوم ولا يفطر إلا مع المساكين، فإذا منعه أهله عنهم لم يتعش تلك الليلة وكان إذا جاءه سائل وهو على طعامه أخذ نصيبه من الطعام وقام فأعطاه السائل، فيرجع وقد أكل أهله ما بقي في الجفنة، فيصبح صائماً ولم يأكل شيئاً.
 يذكر أن بعض الصالحين من السلف اشتهى طعاماً وكان صائماً فوضع بين يديه عند فطوره، فسمع سائلاً يقول: من يقرض الملي الوفي الغني؟ فقال عبده المعدم من الحسنات فقام فأخذ الصحفة فخرج بها إليه وبات طاوياً.
 وجاء سائل إلى الإمام أحمد فدفع إليه رغيفين كان يعدهما لفطره ثم طوى وأصبح صائماً وكان الحسن يطعم إخوانه وهو صائم تطوعاً ويجلس يروحهم وهم يأكلون وكان ابن المبارك يطعم إخوانه في السفر الألوان من الحلوى وغيرها وهو صائم.. سلام الله على تلك الأرواح.. رحمة الله على تلك الأشباح لم يبق إلا أخباركم وآثار كم بين من يمنع الحق الواجب عليه وبين أهل الإيثار.
 للصوم فوائد أخرى، قال الشافعي رحمه الله: أحب للرجل الزيادة في الجود في شهر رمضان اقتداء برسول الله ولحاجة الناس فيه إلى مصالحهم ولتشاغل كثير منهم بالصوم والصلاة عن مكاسبهم.
 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد