بقلم: كاثرين شودام ترجمة/ أخبار اليوم
منذ بداية الانتفاضة الشعبية كثفت الحكومة اليمنية من حملة التجنيد في الجيش. ومع موجات الانشقاقات الأخيرة وفتح عدة جبهات جديدة، فإن الجيش اليمني بحاجة ماسة إلى دماء جديدة. لكن الأهم من ذلك، فالحكومة تحاول حشد ولاءات جديدة من أجل مواجهة التهديد الذي يشكله الشيخ صادق الأحمر.
فعلى الرغم من كونه مجرد شيخ قبلي إلا أن صادق الأحمر قد تمكن خلال السنوات الماضية من تكوين ميليشيا قادرة تماما على تحدي الجيش اليمني. وردا على ذلك ، قرر وزير الدفاع اليمني قبل عدة أشهر إعادة فتح باب التجنيد على أمل أن تقديم وعود بدخل ثابت ومرتب من الدولة سيشجع الكثير من اليمنيين بالالتحاق بمعسكرات الدولة.
يقول ضباط مقربون من القائد العسكري المنشق اللواء علي محسن الأحمر إن حزب الإصلاح والفرقة الأولى مدرع يتبعون نفس النهج، حيث يحاولون تسجيل الكثير من الرجال في صفهم على وعد تقديم نفس الدعم المالي.
في بلد أكثر من 40 بالمائة من سكانه عاطلون عن العمل، فإن إيجاد وظيفة حكومية هو شيء يبحث عنه الكثير منهم إلى حد كبير. وبالرغم من أن الراتب لا يزيد عن 110 دولار، إلا أنه يجذب الكثيرين لضمان دخل مدى الحياة.
فإذا كان هذا التكتيك هو (مدرسة قديمة) إلى حد كبير بالنسبة للجيش، فهناك توجه مثير للقلق بدأ في الظهور، فالعديد من المجندين الجدد هم فعليا من الأطفال.
الدفع بالحمل إلى الذئاب
فمثلا أحمد الارياني، عمره 15 سنة فقط، تم تجنيده في الفرقة الأولى مدرع بعد أن قرر اللواء علي محسن الوقوف إلى جانب المتظاهرين، قاطعا علاقته مع الحكومة.
يقول أحمد الارياني: "أفضل لي أن أعمل مقابل 25000 ريال شهريا من أن أبقى في البيت بدون أي عمل".
حاملا بندقية أكبر منه، يفتخر أحمد بقيامه بالحراسة في إحدى نقاط التفتيش القريبة من ساحة التغيير، من دون أن يدرك أنه إذا انفجر أي صراع فإنه سيكون واقفا في خط المواجهة مباشرة.
يقول أحد سكان صنعاء: "هؤلاء الأطفال هم لحوم للنظام وللإصلاح... إنهم يضعونهم في الأماكن الأكثر خطورة. وهذا محزن جدا".
يحذر المدافعون عن حقوق الطفل من هذا التوجه، مضيفين بأن اليمن إذا انزلقت إلى الحرب، فإن الكثير من الأطفال سيكونون هم الضحايا في ساحات المعارك، وهم ضحايا أبرياء لنظام فاسد يفترس الفئات الأكثر ضعفا.
منذ شهر مارس، معظم من تم تجنيدهم كانوا من الفئة العمرية الأقل من 18 عاما، وهو السن القانوني للتجنيد.
المجندون في معسكرات الحكومة تم إخبارهم أن يزوروا في وثائق تسجيل الجيش، بحيث يظهر أنهم مجندون منذ فترة سابقة.
يقول مدرس في صنعاء اسمه حميد الغرباني: "قبل شهرين استخرج ابن عمي، الذي عمره الحقيقي 14 عاما، بطاقة شخصية تظهر أن عمره 18 عاما لكي ينظم إلى قوات الحرس الجمهوري. والأسبوع الماضي رأيته يحمل بندقية".
بمجرد إصدار بطائق عسكرية فإنه من المستحيل التحقق فيما إذا كان المجندون حقا في السن القانونية للتجنيد. ومما يزيد الأمر سوءا، إن معظم عائلات المجندين هم شركاء في هذه المهزلة بسبب انشغالهم فقط بتوفير مصدر جديد للدخل.
وفي كلا الجانبين، فإن الحكومة أو القبائل تشترك في نفس هذه الظاهرة.
وكشف قائد عسكري متقاعد بأن نظام صالح يستخدم هذا التكتيك بشكل منتظم منذ عدة عقود. وعادة ما يستهدف الجيش اليمني الأيتام والهاربين من أسرهم، حيث يقدم لهم المأوى والمال في مقابل ولائهم الأبدي.
وقال الضابط المتقاعد: "كان هؤلاء الأطفال لوحدهم بدون آباء أو أقارب يعتنون بهم. فالجيش أصبح بيتهم والرئيس علي عبدالله صالح والدهم".
لكن الآن تقوم الحكومة واللواء علي محسن بنفس الخطوة في الاعتداء على الأطفال. فهم يستخدمون المجندين الصغار كطعم لردود فعل المعارضة. في الحصبة وأرحب يتم إرسال هؤلاء الأطفال للتجسس على مواقع الأعداء أو استخدامهم كطعم.
في شهر مايو، قام حميد الأحمر باستخدام مجندين صغار في تأمين المنطقة المحيطة بمنزله. فقط ببضعة أكياس من الرمل لحمايتهم، طُلب منهم الصمود في مواقعهم مهما حدث.
ووفقا للسكان في المنطقة فإن هؤلاء الأطفال كانوا خائفين جدا ولم يجرؤ في البحث عن مأوى آخر وكانوا يطلقون النار بشكل عشوائي.
ووفقا لتقرير صدر مؤخرا عن الأمم المتحدة فإن ما لا يقل عن 15 بالمائة من الميليشيات القبلية التابعة للنظام اليمني هم من الأطفال.
وقد دقت منظمة هيومن رايتس ووتش ناقوس الخطر كذلك، مؤكدة بأنها وجدت خلال الأشهر القليلة الماضية عشرات من الجنود الذين أعمارهم على ما يبدو أنها أقل بكثير من السن القانونية للتجنيد. ووفقا للمنظمة الدولية فإن قرابة 500 جندي من الأطفال قد قتلوا هذا العام في معارك اليمن.
مجلة فورين بوليسي الأمريكية
المجندون الأطفال في اليمن 2754