في عينيك اختبأت خوفاً منك وتظاهرت بالموت حين أردت أن تغرقني بدمعة وتسلب حريتي بكلمة وتسخر من مشاعري بقصة وهم كتبتها يداك ورتبت فصولها رغبتك باستئصال أطرافي لأبقى وسادة تنام عليها، مفرداتك العاتمة على وجه لسانك.
قرأت في وجوه كثيرين سواك قصصاً وحكايا وأساطير كاذبة سرعان ما تتلاشى أمام طموحي كامرأة تستطيع أن تقرأ عناوين الحياة دون الحاجة إلى قاموس غامض.
لكنني حين كتبت عن روحي وجدت نصوصاً من كتاب حياتك يعيش متطفلاً بين سطوري، وقع قافيتي يشبه إيقاع أنفاسك، صهيل كلماتي يشبه جموح أفكارك، شتاء المساء الطويل غريب كغرابة عينيك المتجمدتين على وجهي، أنا قطعت ثمار أفكاري بين يديك، لكن التهمت مفرداتي ولعقت أصابع أحرفي وحين أصابتك تخمة الانتصار مزقت أوراقي وأودعت ذكرياتي كهف النسيان وكأن ما كان لم يكن، فمتى أستطيع أن أطير وأنسى أنك كنت قفصي وزنزانتي وبيت الطاعة الذي لم ينصت لصوت مشاعري؟ متى أفرد أجنحتي وأحمل أسراب الطيور والفراشات والسحاب المطلات على رؤوس الجبال وأرحل نحو السماء؟!
متى أكسر قيودي وأصنع من خيوط الشمس حريتي وأعودُ، كما كنت قبل أن أمنحك مفاتيح قلبي؟!.. ها أنذا أيها الببغاء، يا من كررت كلماتي عابثاً بفكر امرأة رفضت أن تصبح غصناً أبيضاً من المومياء أو عشاءً ملكياً على مائدة محاطةٍ بالشموع أو قارورة معتقة من شراب الشيطان.. ها أنا أخرج من شرنقة ماضيك وأفتح عيناي على مدينة الدخان وأحتوي العالم بين يدي كعاشقة، ها أنذا أنثر أزهاري على قبرك وأتوسد قلبي الخاوي من الحياة غير آبهةً بنبضك، ها أنذا أعيش بعد أن حكمت عليَّ بالإعدام حباً وبعداً وشوقاً!.
الآن أستطيع أن أعيد صياغة أحرف عمري وأكتب اسمي على وجه القمر وابدأ أول أيام الثرثرة الجميلة بيني وبين نفسي، الآن أركض كالأطفال نحو حقائبي وأفتش في خزانتي عن بقايا زهرةٍ في فناء ذاكرتي كرجل من طراز الرجال الذين لا يصعقون أمام مواء القطط، لكنك كنت أحد المصعوقين بالفطره!.
اليوم أتكئ على أريكتي وأحتسي قهوة الخوف "رشفةً.. رشفة" حتى تصبح مناعتي ضد الإنطفاء أقوى وحتى لا أنسى معالم كبريائي وحتى لا تأخذني من جديد إلى عالمك المخبوء في قبو اللآمبالاة، هنا أنا ذا أتحرر من نصوصك وقراراتك وقناعاتك.. لأكتب نصوصي وأثبت صحة قرارتي وأؤمن بقناعاتي.. ها أنا أعلن أن جميع مساحات ذاكرتي، أصبحت خاليةً من الغامك، لكن قلبي أصبح ثكنة عسكرية فلا تجازف بالعود من منفاك، ما عدتُ أنظمُ الشعر أو يستهويني النثر، ما عدت أجيدُ صنع باقة أزهارك ولن أستطيع بعد اليوم أن أنتشر بين يديك كرذاذٍ عطري ساحر يشب شاريينك الجائعة.
ألطاف الأهدل
لازلتُ احتسي قهوتي 2378