تعمل الجامعات الأوروبية والأميركية على محاولة الحصول على تمويل ذاتي لهذه الجامعات من خلال الرسوم الجامعية، بالإضافة إلى بيع وتسويق الخدمات التي تقوم الجامعات ببيعها للمستفيدين في كل أنحاء الدول الأوروبية أو الأميركية، وذلك كنوع من مساعدة الحكومات التي قامت بدورها بتقليص النفقات على الجامعات لكي تعمل على تمويل نفسها بنفسها وتخفف على الحكومات من الميزانية العامة للدولة التي كانت ترصد للجامعات وبنسبة "6 %" من موازنة الدولة، وبذلك أصبحت الجامعات الأوربية والأميركية تعتمد وبنسبة "50 %" في بناء موازنتها على الأموال التي تتحصل عليها من بيع خدماتها لجمهور المستفيدين من الطلبة المحليين والأجانب.
ففي الوقت الذي بدأت فيه الدول حث الجامعات الحكومية على مساعدة الدولة في إيجاد تمويل ذاتي للجامعات كنوع من التخفيف على الدولة من عبء تكاليف التعليم العالي والجامعي وذلك من خلال تطبيق نظام التعليم الموازي أو النفقات الخاصة وذلك لإتاحة الفرصة أمام أولئك الطلبة الذين لم يحصلوا على الدرجات الكافية التي تؤهلهم للالتحاق بإحدى الكليات الجامعية حتى لا يحرموا من التعليم الجامعي، بالإضافة إلى فتح المجال لهؤلاء الطلبة للالتحاق بالدراسة الجامعية في الفترة المسائية حتى لا تكتظ المدرجات وقاعات المحاضرات بأعاد هائلة من الطبلة الدارسين خاصة وأن نسبة "70 %" من هؤلاء الملتحقين بهذا النوع من التعليم يعملون كموظفين سواء في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص وبذلك حققت لهم الجامعات مثل هذا الطموح الذي كانوا يتطلعون إلى تحقيقه، هذا فضلاً عن استفادة أعضاء هيئة التدريس بالجامعات من مردودات هذا التعليم المادية في تحسين أوضاعهم المعيشية بدلاً من الذهاب إلى الجامعات الأهلية للبحث عن فرض عمل وإلقاء المحاضرات مقابل أجور مادية متفق عليها بين الطرفين.
ولكن هذا التعليم الموازي قد تم إلغاؤه في هذا العام بصورة ارتجالية وبدون قرار رسمي أو مسوغ قانوني من قبل المجلس الأعلى للجامعات وهو الجهة العليا المخولة باتخاذ مثل هذا القرار الخطير.
وبما أن الأخ الدكتور/ علي مجور ـ رئيس مجلس الوزراء ـ رئيس المجلس الأعلى للجامعات غير متواجد في البلاد وعلاجه في المملكة العربية السعودية، ولذلك كان من المفترض أن يقوم وزير التعليم العالي والبحث العلمي بترؤس المجلس الأعلى للجامعات اليمنية باعتباره نائباً لرئيس المجلس قبل بداية التسجيل والتنسيق للعام الجامعي "2011 ـ 2011 بحيث يحدد القوة الاستيعابية للطلبة في الجامعات الحكومية والنسب المئوية، بالإضافة إلى تحديد القوة الاستيعابية للجامعات الأهلية ونسبة القبول وقد بدأت الجامعات الحكومية عمليات التسجيل والتنسيق في جميع الكليات العملية والنظرية دون سابق إنذار أو تحديد نسب القبول، فقط كتبت بعض الإعلانات تشير إلى أن نسبة القبول للتسجيل في الكليات النظرية هي "70%" فما فوق أما أصحاب النسب المتدنية من "69%" وما تحتها فلم يتم حسمها حتى الآن.
وهناك الآلاف من الطلبة والآباء يتساءلون ما مصير أبنائنا الذين لم يحصلوا على نسبة "70%"؟ وهل هناك تعليم موازي أم لا؟ وهكذا تركت المشكلة للاجتهادات مع العلم أن مدرجات ومقاعد الكليات لن تستوعب الأعداد الهائلة من هؤلاء الطلبة، خاصة لو تم قبولهم بدون تعليم موازي في الفترة الصباحية.
وخلاصة لما سبق فإن الجامعات الحكومية تحقق من وراء التعليم الموازي الأغراض والأهداف التالية:
1. توفير التعليم العالي للطلبة الذين لم يحصلوا على المعدلات المطلوبة في الشهادة الثانوية العامة بذلك فإنهم لم يحرموا من التعليم الجامعي وخاصة أولئك الطلبة الذين يعملون كموظفين في قطاعات الأعمال المختلفة في فترات العمل الصباحية فوفقوا بين العمل وبين التعليم.
2. إن الجامعات الحكومية تستطيع تغطية جزء من نفقاتها ومصروفاتها التشغيلية وشراء بعض الأجهزة والمعدات والآلات والأثاث وإجراء بعض الترميمات، كل ذلك من خلال ما يتم تحصيله من الرسوم الخاصة بالتعليم الموازي لكي تتغلب على بعض ما يواجهها من صعوبات مالية، خاصة في ظل الانكماش المتزايد في الإيرادات العامة للدولة وتقليص الميزانيات الخاصة بالجامعات اليمنية.
3. كان الأستاذ الجامعي وما يزال يعاني من صعوبات مالية وعدم كفاية المرتب الذي يتقاضاه من الدولة مما يضطر الأستاذ الجامعي إلى البحث عن مصادر إضافية لتحسين وضعه المادي والاجتماعي فيذهب إلى الجامعات الأهلية لإلقاء المحاضرات في مجال تخصصه مقابل أجور مالية متفق عليها بين الجانبين، وتلك المحاضرات تلقى على حساب المحاضرات التي يلقيها الأستاذ الجامعي لطلبة الجامعة الحكومية، بل قد يعطي المحاضرات الخارجية الأولوية المطلقة ويقوم بتصحيح دفاتر الامتحانات قبل تصحيح دفاتر طبلة الجامعة الحكومية، فرأى المجلس الأعلى للجامعات والمجلس الأعلى لتخطيط التعليم أن فتح مساق التعليم الموازي هو الحل لمثل هذا الأشكال وبالتالي التخفيف من الإقبال الشديد على الجامعات الحكومية من قبل خريجي التعليم العام والخاص.
4. لو قمنا بمنع التعليم الموازي في الجامعات الحكومية فإن الجامعات الأهلية ستكون هي الرابحة وسيكون الإقبال عليها غير عادي وتحرم الجامعات الحكومية من هذا المورد المالي الكبير وبالتالي يحرم الأستاذ الجامعي من هذا المورد في تحسين وضعه المادي فيلجأ إلى الجامعات الأهلية مرة أخرى.
5. وبناء على ما سبق فإن المجلس الأعلى للجامعات ينبغي أن يتحمل المسؤولية كاملة إزاء توجيه التعليم العالي والتعليم الجامعي وأن يضع المعايير والشروط والمواصفات للعملية التعليمية في بلادنا بما لا يدع مجالاً للاجتهادات والقرارات العشوائية المتسرعة التي لا تنسجم مع متطلبات العصر وإشكالياته الكثيرة والعسيرة.
أستاذ جامعي متخصص في التعليم
aafadhli@yahoo.com
د/ عبدالله الفضلي
التعليم الموازي بالجامعات اليمنية ومصادر التمويل الذاتي للجامعات 3982