في القرآن الكريم، يأتي تعريف شهر رمضان بأنه (الذي أنزل فيه القرآن).. وليس بأنه "شهر الصيام".. بل إن السبب في اختيار هذا الشهر ـ وهو ليس من الأشهر الحرم ـ ليكون ميقاتا لهذا الركن من أركان الإسلام ـ فريضة الصيام ـ هو نزول القرآن الكريم فيه.. فكأنه الاحتفال الديني ـ الجماعي ـ باللحظة التي نزل فيها الروح الأمين ـ جبريل عليه السلام ـ على قلب نبي الإسلام ورسوله، صلى الله عليه وسلم، ببواكير الوحي والتنزيل (اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم. الذي علم بالقلم. علم الإنسان مالم يعلم.) وإذا كان الوحي إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قد تمثل في "النور.. والصوت" .. "لقد رأيت نورا، وسمعت صوتا.." فلقد كان هذا "النور" هو حامل القرآن الكريم، رسالة السماء إلى الأرض، وجماع الدين والدنيا، وديوان العقيدة والشريعة والقيم والأخلاق والأمة والدولة والحضارة، الذي أتم الله به دينه الواحد، واكتملت فيه مكارم الأخلاق.. (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولايريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ماهداكم ولعلكم تشكرون). ولقد كان انبثاق "النور ـ الملائكي" بهذا "النور ـ القرآني" في الليلة المباركة من هذا الشهر العظيم.. ليلة القدر والشرف والعظمة.. وفي لحظة مطلع الفجر منها على وجه التحديد (حم. والكتاب المبين. إنا أنزلناه في ليلة مباركة، إنا كنا منذرين. فيها يفرق كل أمر حكيم. أمراً من عندنا إنا كنا مرسلين. رحمة من ربك، إنه هو السميع العليم) بل لقد أفرد القرآن الكريم لميقات هذا الميلاد.. ميلاد النور القرآني، في هذه الليلة من شهر رمضان، سورة تحدثت عن قدرها وشرفها وعظمتها ـ بل وحملت اسم هذا القدر وهذه العظمة ـ (إنا أنزلناه في ليلة القدر. وما أدراك ماليلة القدر. ليلة القدر خير من ألف شهر. تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر. سلام هي حتى مطلع الفجر)
رمزي المضرحي
شهر القرأن 1814