تسمع الغني ـ صاحب الأملاك ـ يشتكي من ارتفاع الأسعار والتاجر ـ صاحب المحلات ـ يردد نفس الشكوى وكذلك الموظف البسيط والمتوسط، تساوى الناس في المحنة مع فارق أن من يملك المال سيشتري ما يلزمه وسيجد ما يأكل ويشبع جوعه، لكن ماذا يفعل من الأملاك عنده ولا وظيفة ماذا تفعل الأرملة التي لا تجد من يعولها وأطفالها وماذا يمكن للشاقي الذي يجلس على الرصيف، يوم يجد عمل، وعشره بدون ماذا باستطاعته وما بيده يواجه به هذا الغلاء الفاحش الذي قصم ظهر الغني فكيف بالفقير.
وهؤلاء المهمشون إلى متى تستمر حياتهم بهذا الذل والهوان اليسوا بشراً مثلنا؟ أليس خالقنا وخالقهم واحد؟ متى سننظر لهم بعين الإنسانية التي لا تفرق بين الأجناس والألوان؟.
كنا قبل الثورة نكتب عن أحوال الناس ومعاناتهم أملاً في أن تصل كتاباتنا إلى مسامع من بيده الأمر عله يشعر أن هناك شعباً يعاني وهو القادر على رفع معاناته أو التخفيف منها على الأقل لكن لم يكن أحد يسمع أو يقرأ وإن سمع فلا يفقه شيئاً مما يقال أو يكتب لأنه في واد والناس في وديان معاناتهم تائهون.
لمن نكتب الآن ونحن في بلد رئيسه غائب وإن حضر، وحكومته مقالة لا نعلم إن كان أعضاؤها أحياء أم أمواتاً ومسؤولين يستميتون في سبيل البقاء في مناصبهم وحسب، لا يعني لهم أمر البلد في شيء ولاتهمهم أحوال الناس لا من قريب، لا من بعيد.
ما أشبة حالنا بحال أخواننا في غزة، هم محاصرون في مدينه ونحن محاصرون في وطن بأكمله، يحاصرهم عدو يريد إنهاءهم ليبني وطنه المزعوم على أرضهم، ونحن يحاصرنا نظام أعمى يريد البقاء في الحكم ولو على أشلاء شعبه.
الفرق بيننا وبينهم أنهم شعبُ رغم الحصار والجوع لازال يمسك بالقلم في يده ويناضل بعقول مستنيرة وقلوب متمسكة بدينها يملؤها حب الجهاد في سبيل الله.
ونحن شعب ليست لنا صلة قوية بالقلم بقدر تمسكنا بسلاح يسفك الدماء ويزهق الأرواح ويروع الآمنين.
هم شعبٌ مثقف واع مترابط ومتراحم ،وحدهم الألم وألفتّ المعاناة بين قلوبهم، ونحن شعبٌ أكثر الناس تخلفاً فيه هم من يدعون العلم والثقافة زورا وبهتاناً والأمر من ذلك أن الرحمة ضلت طريقها إلى قلوبنا لتسكنها القسوة وتحيلها إلى صحراء قاحلة لا تنبت فيها أزهار المحبة ولا تجري في سواقيها ينابيع الرحمة.
لمن نكتب الآن ولمن نرفع معاناة شعب طمست ملامح إنسانيته وشوهت مشاعره، كثرت المحن والأزمات.
نحن على عتبات شهر فضيل فلنرفع الأكف عالياً ندعوا الرحمن أن يؤلف بين القلوب ويجمع شتات النفوس ويخرج هذا البلد وأهله من هذه المحنة العصيبة وحده ولي ذلك والقادر عليه.
جواهر الظاهري
رئيس غائب وحكومة مقاله وشعب يعاني 2015