إن الوالج لمدينة تعز يشعر بالظمأ لمجرد أن يلامس سطح جلده لحرارة الشمس الحارقة، فيبحث عن شربة ماء باردة تروي الظمأ، فلا يجد ماءً سوى المياه المعدنية التي تباع في البقالات ولكنها للأسف تزيده ظمأ لحرارتها بسبب انطفاء الكهرباء المستمر على المدينة.
منذ زمن وتعز تشتكي نقص المياه وانعدامها في بعض الأحياء لأسابيع عديدة تصل إلى شهور ولكن الوضع يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، فمنذ شهرين والكثير من حارات مدينة تعز تشتكي إنعدام المياه ويقوم البعض بشراء مياه الوايتات رغم ارتفاع أسعارها والتي قد تصل أسعارها إلى خمسة آلاف أو ستة آلاف للوايت ومن لم يستطع إليه سبيلا فليبحث عن الماء ولو من آخر الدنيا.
دعونا نعترف أنه في فترة معينة كانت مشكلة المياه تتناقص نسبياً ولكن سرعان ما عادت إلى ما كانت عليه، خاصة بعد خروج الشباب إلى الساحات، مما يوحي للبعض أن هذا ما هو إلا عقاب جماعي لمن يخرج الساحة أو أنه إنتقام من أبناء تعز إضافة إلى انقطاع الكهرباء المستمر وشح المياه "وارحبي يا جنازة لفوق الأموات".
تعز دوناً عن غيرها من المحافظات تشتكي نقص وانعدام المياه الصالحة للإستخدام، ففي زيارتي الأخيرة لمدينة إب وجدت المياه بطبيعتها في كل الأحياء والمناطق، خاصة مع هطول الأمطار مما تجعل الماكث فيها يتمنى البقاء فيها لأشهر، أما تعز فمن الواضح أن هناك تبايناً واختلافاً من حي لحي آخر، فالأحياء القريبة من منطقة القصر الجمهوري والواقعة في منطقة الكمب لم تشتكِ يوماً من نقص المياه أو من انقطاع الكهرباء وإن انقطعت فلا يستمر انقطاعها أكثر من ساعات، أما غيرها من الأحياء فقد يصل فترة الإنقطاع إلى أكثر من شهر أو كما هو الوضع الحالي في حيّنا، فنحن لأكثر من شهرين بلا ماء ودائماً ما يأتي الرد من المختصين في مشروع المياه بالمحافظة بأن أنابيب المياه (مُكسرّه) أو أن يأتي رد مستفز من أحد المسئولين كما قال أحدهم لجارنا حينما سأله (متى سيصل الماء لحيّنا) فرد بإستفزاز (لا تنتظروا الماء من تعز فسيأتيكم عمكم بماء زمزم من السعودية !!!)، فهل هذا جواب لسؤال متوقع وعادي ؟!
مهما يكن الوضع الأمني في المحافظة فهذا لا يبرر تحرك المختصين والمسئولين لحل هذه الأزمة التي حتماً أنها ستؤدي إلى كارثة إنسانية إن تفاقمت وتُرك الوضع على حاله...
يبقى لنا أمل كبير في مشروع المياه بتعز في رفع المعاناة عن أبناء المحافظة، خاصة مع ارتفاع درجة حرارة الجو، فيزداد الإلحاح على طلب الماء كما نأمل أن تتغلب الإدارة على مشاعر الحقد وأي ضغائن – إن وجدت- والتي تُصب على أجساد أبناء تعز نيراناً مع انعدام المياه، فمهما يكن الوضع فتعز ما زالت جزءاً من اليمن وأبناؤها مازالوا أبناء اليمن الواحد.