اكتب هذا المقال عملا بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "الدين النصيحة، قلنا لمن يارسول الله قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم" فأكتب بغرض أن يكف المرتكب للمنكرات عن اقترافها، وأن يقوم كل مسلم بواجبه في النهي عن المنكر، بل عن أعظم المنكرات التي يمارسها النظام، فعلى المتدينين خاصة أن يقوموا بواجبهم؛ عملا بورع التدين، وامتثالاً لغاية الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر، قال الله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ} (45) سورة العنكبوت.
إن المنكرات التي يقترفها النظام توجب على كل يمني يخاف الله ويعلم يقينا أنه ملاق ربه ومسئول عن تنفيذ أوامر الله، أن يعمل بكل ما في وسعه، ويبذل كامل استطاعته في ترحيل هذا النظام، وأن ينفق وقته وجهده وماله في سبيل ذلك، فإن المنكرات التي يقترفها النظام تتعلق بالإضرار بالدين والدنيا، وتتصل بإنتهاك كافة الحرمات، وتشتمل على ارتكاب الموبقات، وهتك المحرمات، وهنا نقف أمام بعض هذه المنكرات العظيمة:
قتل النفس المحرمة:
إن قتل النفس المحرمة جريمة كبرى في الإسلام، حيث تعد من الجرائم الجسيمة في منظور الدين الإسلامي، يقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} (69) }سورة الفرقان. وقد أعظم الله أمر قتل النفس البشرية، فجعل قتل النفس الواحدة يساوي قتل البشرية كلها، قال الله تعالى: {مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} (32) سورة المائدة.
إن الله خلق الإنسان فهو صنعة الله التي لا يحق لأحد سواه أن يهدم ما بناه الرب تبارك وتعالى إلا بأمر من الله تعالى، ففي الأثر "لهدم السموات والأرض أهون عند الله من قتل امرئ مسلم" وإلا فهو الهلاك والورطات الكبرى، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا يزال المسلم في فسحة من دينه ما لم يصُب دما حراماً".
إن النظام يقتل الكبار والصغار الرجال والنساء الشيوخ الركع والأطفال الرضع، والقتل بغير حق منكر عظيم، وسفك الدم بغير أمر من الله كبيرة من الموبقات، وإزهاق أرواح الأبرياء عمل لا يرضي الله تعالى وعلينا جميعا النهي عن هذا المنكر العظيم، الذي هو أشد عند الله تعالى من هدم الكعبة، فهل سيقف رجل يصلى إلى الكعبة موقفا سلبيا وهو يرى من يهدم الكعبة المشرفة، فلماذا يصمت على قتل المسلمين وقتلهم أشد عند الله من هدم الكعبة، فالمسلم أعظم حرمة عند الله من الكعبة المعظمة، إن على المتدينين أن يراجعوا تدينهم فهل صلاتهم تنهاهم عن منكر السكوت عن الجرائم، إنهم يقرأون في كل صلاة: {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ} (6) سورة الفاتحة، فهل من الصراط المستقيم أن يرواالمنكر فلا ينهوه، كلا والله وصف الله المؤمنين بأنهم يأمرون بالمعروف وينهون قال الله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (71) سورة التوبة، فهؤلاء من تقرر الآية الكريمة أن الله سيرحمهم، نسأل الله تعالى أن يجعلنا منهم.
تشريد المواطنين:
إن قصف البيوت وهدم المنازل وتخريب الديار وتدمير الآبار منكر عظيم، تنكره الشرائع السماوية، والاعراف الإنسانية والقوانين الوضعية، فهو فعل عظيم وذنب جسيم وقد جعل الله إخراج الناس من بيوتها أمر يعدل القتل، قال الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} (66) سورة النساء. فساوى الله تعالى بين خروج النفس من الجسد، وبين خروج الإنسان من بيته، فتشريد الناس نتيجة للضرب العشوائي، وتوزيع الموت إلى البيوت الآمنة أدى إلى نزوح عشرات الآلاف من اليمنين بلا ذنب ولا جريرة، ألا يكفي هذا لتحريك ضمائر الناس إن تنهى عن المنكر، سيدي القارئ الكريم تصور نفسك للحظة وبيتك يهدم، وأنت بلا مأوى تتنقل من كهف لكهف، ومن مكان لمكان، فإنك حينها ستقول أين الإسلام ممن يصلون، وممن يصومون وهم يرون قتلا وتدميرا ويظلون صامتين ساكتين، والظلم يسحق الناس ويخرجهم من بيوتهم، إن ما يحدث في أرحب وغيرها في أرجاء الوطن، جريمة منكرة، يجب علينا إنكارها، ويحرم الصمت عليها، إننا ضد القتل لأي يمني بغير الحق. وضد إخراج أي مسلم من بيته بغير الحق، فالبيوت مصانة ومحترمة ويحرم هدمها بغير الحق.
قطع الأشجار:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " من قطع سدرة صوب الله رأسه في النار" رواه أبو داود، فلمن يسحقون الأشجار ويقطعونها، نقول اتقوا الله فإن الله يقبل التوبة، وهو شديد العقاب.
وأخيرا نسوق للجميع هذه الحكمة: أسعد الناس من جعل ابتسامته جزءاً من ابتسامات الناس.. وأتعس الناس من جعل ابتسامته جزءاً من دموع الناس.