تقوم الثورة الشبابية الشعبية على قضية أساسية هي نصرة المظلومين، والانتصار للمستضعفين، وتتمثل فيها العمل الجاد على استرجاع حقوق الناس بعد أن مطل النظام اليمن حقوقها واستلب حقوق اليمنيين، وهم في ذلك يستندون إلى الشريعة المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى السلام، فقد عمل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بجهده في سبيل نصرة المظلومين واسترجاع الحقوق إلى أهلها ومن أشهر القصص في ذلك قصة الرجل الإراشي الذي مطله أبو جهل، فقد روى ابن هشام عن ابن اسحق قال : قدم رجل من إراشة (بطن من خثعم) بإبل له مكة فابتاعها منه أبو جهل ، فمطله بأثمانها ، فأقبل الإراشي حتى وقف على ناد من قريش ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في ناحية المسجد جالس، فقال : يا معشر قريش ، من رجل يؤديني على أبي الحكم بن هشام ، فإني رجل غريب ابن سبيل ، وقد غلبني على حقي ، قال : فقال له أهل ذلك المجلس : أترى ذلك الرجل الجالس – وأشاروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهم يهزؤون به ، لما يعلمون ما بينه وبين أبي جهل من العداوة – اذهب إليه فانه يؤديك عليه .!
فلما استمع رسول الله صلى عليه وآله وسلم مقالة الإراشي قام معه ينصره، وتحرك إلى بيت أبي جهل يطالبه بأن يرد حق الرجل، وانتظر رسول الله حتى نفذ أبو جهل الأمر، وهكذا أرسى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مبدأ نصرة المظلومين وإنفاق الأوقات في سبيل ذلك، بل والانتظار حتى تتم المهمة وتكتمل العملية وتتحقق الأهداف.
إن كل محب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقتدي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد حقق الثوار مبدأ نصرة المظلوم عمليا على الأرض، وقطعوا أوقاتهم في سبيل تحقيق ذلك، متأسين بالنبي صلى الله عليه وأله وسلم الذي لم يرجع إلا وحق الرجل الإراشي لديه، وهو ما يعني أن الأهداف التي وضعتها الثورة ماضية ما دمنا نتأسى بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم.
إن الثورة الشبابية تجسيد حقيقي لنصرة المستضعفين وبالأمس في صلاة الجمعة قدمت الثورة آلاف المظلات لأهلنا من النازحين في أبين، فبمجرد أن اقترحت عليهم المنصة ذلك، تدافع الجميع يقدمون مظلاتهم، وينصرون إخوانهم، ويهتمون بهم، في تجسيد حقيقي للجسد الواحد، فأظهرت تلك اللفتة الكريمة عمق وحدة هذا الشعب، وعظمة هذه الأمة.
إن نظام صالح يوزع التشريد مجانا في ربوع الوطن، والثورة توزع الظل، وترسل للنازحين المظلات، إنها الرحمة مقابل العذاب، فاعتبروا يا أولى الأبصار.