إن الذي يزرع الشوك لا يجني العنب، ومن يزرع الورد يظفر بجماله ومحاسنه، فمصير الأفراد والمجتمعات والأمم مرهون بأنواع سلوكياتها، فمن وجد خيراً، فليحمد الله تعالى الذي وفقه وأعانه، ومن وجد غير ذلك، فلا يلومن إلا نفسه، فعلى نفسها جنت براقش، ووالله ما شفعت الصحبة والهجرة والجهاد لصحابة رسول الله يوم أحد حين خالفوا أمر رسول الله ، بل قال الله لهم: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ} (165) آل عمران.
يقول ابن القيم في فوائده(1): تالله ما نفع (آدم عليه السلام) عند معصيته عز {اسْجُدُواْ لآدَمَ} (34) سورة البقرة، ولا شرف {وَعَلَّمَ آدَمَ} (31) سورة البقرة، ولا خصيصة {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} (75) سورة ص، ولا فخر {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي} (29) سورة الحجر، وإنما انتفع بذل {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا} (23) سورة الأعراف، لما لبس درع التوحيد على بدن الشكر، وقع سهم العدو منه في غير مقتل.
ويقول أيضاً: اشتر نفسك اليوم، فان السوق قائمة، والثمن موجود، والبضائع رخيصة، وسيأتي على تلك السوق والبضائع يوم لا تصل فيها إلى قليل ولا كثير، {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (9) سورة التغابن.
واحذر الصحبة السيئة فإنها تأمرك بالمعصية، وموالاة الظلمة، وتفقدك صوابك، وتذكر قول الله تعالى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا} (29) } سورة الفرقان.
إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى *** وأبصرت يوم الحشر من قد تزودا
ندمت على أن لا تكون كمثله *** وأنك لم ترصد كما كان أرصدا
قصة مؤثرة أعجبتني من الانترنت:
رجـل عمـره 70 عـاماً، عـانى من مشكلة عـدم التبـول لعدة أيام ، وبعد ازديـاد الألم.. زار طبيـب وأقتـرح عليـه أن يعمل عمليـة في المثـانة ووافق الرجـل على الفـور للتخـلص من الألم الرهيب الناتج عن احتباس البول، وبعد نجـاح العمليـة حضـر الدكتـور إلى المريـض وأعطاه بعض الأدوية، وكتـب له الخـروج مع فـاتـورة المستشفى، وعندمـا نظـر لها الرجـل بدأ في البكـاء، فقـال له الطبيب: إذا كانت الفـاتورة باهظـة السعـر عليـك، فمن الممكن أن نعمـل لك تخفيـض ينـاسبك، قـال الرجـل: ليس هذا ما يبكيني, ما يبكيني هو أن الله أعطاني نعمـة التبـول "70" عـاماً ولم يرسـل لي فـاتورة مقـابل ذلـك، كم أنت كريـم يا الله.. تنعم على عبـادك ولا نـدرك نعمــك إلا بعد أن نفقـدها لا تنس شكر نعـم الله عليـك التي لا تعـد ولا تحصى قال تعالى: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}.
(]) *الفوائد، ص 36.
د. محمد عبدالله الحاوري
استغلال الأوقات بالطاعات 2216