;
شيماء صالح باسيد
شيماء صالح باسيد

الباحثون عن الحرية 2188

2011-07-12 02:50:10


هذا الشعب المظلوم, المغلوب على أمره العصا فوق رأسه لسنوات طويلة بحجة الولاء والطاعة، لكنهم نسوا كم هي غليظة وقوية، ونسوا أيضاً أن ثقافة العصا الغليظة لم تعد تخيف هذا الشعب الثائر العاشق للحرية كعشقه لهذا الوطن ولهذه الأرض الباسلة.
وهاهو الوطن بعد أربعة أشهر من الثورة يقف بين فكي كماشة، فالتوق للحرية نار تشتعل في نفوس الأحرار وهي عصية على الإخماد أو الإطفاء, نفس هذا الوطن يقف مترنحاً بعد أربع سنوات منذ انطلاقة شرارة الحراك السلمي الجنوبي من منطلق أن القضية الجنوبية قضية وطنية عادلة.
وما جرى ويجري حتى الآن من صراع حولها ليس في رأيي يجب أن يكون صراعاً شطرياً، لأن الشعب في الجنوب كان التواق للوحدة منذ زمن، لا بل لقد أرضع أبناءه حلم الوحدة، ممزوجاً بحليب أمهاتهم.
ولا يجب أن يكون صراعاً طائفياً أو دينياً، فالغالب من أبناء الشمال هم من أهل السنة كأبناء الجنوب ولسنا في لبنان أو دارفور، كما أن الحزب الاشتراكي العريق بتاريخه ونضاله والذي حكم الجنوب حتى قيام الوحدة لم يكن حزباً للشيطان كما روج لذلك، رغم وجود الأخطاء والعثرات والتي ومن الطبيعي جداً أن توجد في أي تيار أو حزب أو فكر سياسي، إلا أن النظام والمدنية التي حكمت الجنوبيين أفتقدها الجميع بعد قيام الوحدة، فلا ظلت لأبناء الجنوب كإرث استعماري بريطاني حافظ عليه الحزب الحاكم في الجنوب، ولا أنها انتقلت لأخوتنا في الشمال كنعمة من نعم الوحدة وهنا يقبع التساؤل في ذهني: ذلك لم يكن خطأ الوحدة.. وإنما في النوايا المضمرة التي دخلت الوحدة ووقعت عليها تحت مبدأ (عودة الابن الضال) وعودة الفرع الصغير إلى الأصل الكبير..
لم يكن الخطأ في الوحدة كفكرة وكحلم وكقضية نبيلة ألهبت كل المشاعر وألهمت كل الشعوب، فنحن توحدنا في عصر كان العالم من حولنا ينهار ويتفكك، ولكن الخطأ كان في الآلية التي توحدنا بها وفي التنازلات الجمة التي قدمت من طرف واحد وعلى طبق من ذهب، فأي تجربة في حياة الشعوب مهما كانت نبيلة وعريقة، لكنها إذا لم تقيم بين الحين والأخر تصبح تجربة كارثية.
وحتى على الصعيد الإنساني وفي العلاقات التي تربط الأفراد مثل: (الزواج)، فهذه التجربة تحتاج لحنكة وذكاء وصبر وتفاهم وتنازلات تقدم (من الطرفين) حتى يتم استمرارها بنجاح وسعادة وان لم يتم ذلك تصل هذه التجربة لطريق مسدود.
إذاً، ليس العيب في الوحدة، رغم أن حرب صيف 1994م والتي تمر علينا ذكراها السابعة عشر، فقد أصابتها في مقتل وتركتها مشلولة وبجروح غائرة من الصعب معالجة أثارها بإسعافات أولية سريعة أو بقرارات فردية طائشة، فهنا سيتجسد احترامنا لشعبنا المناضل منذ فجر التاريخ، فالحراك الجنوبي كان له السبق في تفجير شرارة الثورات العربية قبل تونس ومصر، كما أن ثورة الأربعة أشهر الماضية أسمعت كل أصم حول العالم وفرضت احترامها، رغم أنف الجميع وأعادت لكل يمني في الداخل والخارج بعضاً من الكرامة والكبرياء.
إذاً، علينا ألا نبخس الناس أشيائهم وعلينا أن نحكم بعقل وليس بعاطفة، فالعواطف والتسرع في الأحكام تؤدي بمصائر الشعوب نحو الهاوية.
علينا أن نتوحد جميعاً في محاربتنا وكرهنا لعبث النظام الحاكم الذي أساء للوحدة العريقة وأن نشير بأصبع الاتهام لأفراد اعتبروا الوحدة كاللحمة التي تقاسموها جميعاً وأن نحكم على تصرفات طائشة لأسرة واحدة وليس على شعب عريق ودم واحد يجري في العروق، فليس كل الشماليين ظلمة، كما أنه ليس كل الجنوبيين ضحايا، لا بل ظلم الأخوة وذوي القربى أشد مضاضة علي من وقع الحسام المهند، بل هناك إنسان مظلوم هنا وهناك وعليه أن يستمر في نضاله وسعيه للتحرر.
على بعض الأفراد أن يقفوا مع أنفسهم وقفة صفاء وصدق ووفاء ويتساءلوا فيما بينهم: هل القضية الجنوبية هي قضية شطرية أم عرقية؟، أم هي قضية أرض وشعب وكرامة وإنسان؟ فأينما هناك أرض ظلم فوقها إنسان، فتلك هي قضيتي وذلك هو موطني, وساعتها علينا جميعاً أن ننظف قلوبنا من دماء متجلطة من الحقد والكراهية التي غذاها النظام الحاكم في النفوس وكان الوحيد المستفيد منها.
إنني أؤمن بأن هذه القضية هي قضية كل إنسان يؤمن بالإنسانية ويؤمن بحقه وحق غيره بالحرية والعيش الكريم وساعتها ستصبح هذه القضية ليس قضية الجنوب وحسب بكل قضية الجميع وقضية كل شعب حر يؤمن بالحياة.
أرجوكم لا تطعنوا الوطن في ظهره، فهو مجروح وحزين لقد قدمنا كلنا قوافل من الشهداء والمعتقلين والجرحى قرابين من أجل الحرية.. ومن أجل حبنا لهذا الوطن, وهذا الشعب الممتد من الشمال للجنوب هو شعب واحد، سطعت وحدته الحقيقية منذ شهور قريبة وسيستمر في عشقه وبحثه عن الحرية وسيناضل من أجل تحقيق الوحدة اليمنية، فدعوكم من الوصاية عليه ودعوا الثورات تمضي حيث تشاء فإنها مأمورة.
 فالشعوب الحرة وحدها من تقرر مصيرها، فهي الأحق والأجدر والأقدر على ذلك والشعب قد وحد كلمته حينما صرخ بحنجرة واحدة (إرحل) وهاهو الشعب نفسه يعاقب ويعذب نتيجة لإطلاق صوته الهادر ومطالبته بحقه المشروع بمستقبل أفضل.
فحتى إن فرقتنا السياسة والنظام لسنوات طويلة، فقد وحدنا اليوم الجوع والألم والمعاناة المشتركة بسبب ارتفاع الأسعار وانقطاع الكهرباء والماء وبحثنا المضني عن البترول والديزل والغاز.
 لقد وحدتنا دماء أبنائنا الزكية, لقد وحدنا بحثنا المتواصل وتوقنا الكبير للحرية في كل ساحات الحرية والتغيير في كل المحافظات.
Sheema_b88@yahoo.com

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد